وَقد عرفت أَنه قد انتقد على أَكثر كتاب الْعَرَبيَّة عدم وضعهم علائم للْوَقْف فِي أَكثر الإحيان حَتَّى صَار القارىء لَا سِيمَا إِن كَانَ يقْرَأ بِسُرْعَة لَا يدْرِي أَيْن يقف وَإِذا وقف فَرُبمَا وقف فِي مَوضِع لَيْسَ من مَوَاضِع الْوَقْف فيضطر حِينَئِذٍ إِلَى الْبَحْث معرفَة مَوَاضِع الْوَقْف ومراعاتها فِي حَال الْقِرَاءَة وَالْكِتَابَة
وَأعظم النَّاس اعتناء بِأَمْر الْوَقْف كتاب الْكتاب الْعَزِيز والتالون لَهُ حق تِلَاوَته وَذَلِكَ لما ورد عَن السّلف من الْأَمر بمعرفته ومراعاته رُوِيَ عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ أَنه سُئِلَ عَن قَوْله تَعَالَى {ورتل الْقُرْآن ترتيلا} فَقَالَ الترتيل تجويد الْحُرُوف وَمَعْرِفَة الْوَقْف
وَقَالَ بعض الْقُرَّاء بَاب الْوَقْف جليل الْقدر عَظِيم الْخطر لَا يَتَأَتَّى لأحد معرفَة مَعَاني الْقُرْآن وَلَا استنباط الْأَدِلَّة الشَّرْعِيَّة مِنْهُ إِلَّا بِمَعْرِِفَة الفواصل وَقَالَ بَعضهم لما لم يُمكن الْقَارئ أَن يقْرَأ السُّورَة فِي نفس وَاحِد وَجب اخْتِيَار مَوضِع يسوغ الْوُقُوف عَلَيْهِ والابتداء بِمَا بعده ويتحتم أَن يكون موضعا لَا يحِيل الْوُقُوف عَلَيْهِ الْمَعْنى وَلَا يخل بالفهم وَبِذَلِك يحصل الْقَصْد وَتظهر دَلَائِل الإعجاز
وَقد حث كثير من السّلف عَلَيْهِ وَاشْترط كثير من الْخلف على الْمُجِيز أَن لَا يُجِيز أحدا إِلَّا بعد مَعْرفَته بِالْوَقْفِ والابتداء فَإِذا عرف ذَلِك سَاغَ لَهُ أَن يصل فِي مَوَاضِع الْوَقْف عِنْد امتداد النَّفس فَإِن التَّالِي كالضارب فِي الأَرْض / ومواضع الْوَقْف بَين يَدَيْهِ كالمنازل فالعارف لَا يتَعَدَّى منزلا إِلَّا إِذا أَيقَن أَنه يصل إِلَى الْمنزل الَّذِي بَين يَدَيْهِ وَالنَّهَار قَائِم وَالْجَاهِل بالمنازل يعرس حَيْثُ أجنه اللَّيْل وَقد يكون فِي مَوضِع يلْحقهُ فِيهِ ضَرَر من تلف نفس أَو مَال أَو غير ذَلِك
فالقارئ الْعَارِف بالمقاطع يقف حَيْثُ لَا يلْحقهُ لوم وَالْجَاهِل يقف عِنْد انْتِهَاء نَفسه فقد يقف فِي مَوضِع يضر الْوُقُوف بِهِ لإحالته الْمَعْنى أَو إخلاله بالفهم وَقد
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute