للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

ويستغنى عَن وضع هَذِه الْعَلامَة بِوُجُود عَلامَة أُخْرَى لحُصُول الْمَقْصُود وَذَلِكَ فِي مثل قَول بعض أَرْبَاب / التجويد قَالَ الزَّمَخْشَرِيّ فِي تَفْسِير قَوْله تَعَالَى - {ورتل الْقُرْآن ترتيلا} الترتيل هُوَ أَن تَأتي بِالْقِرَاءَةِ على ترسل وتؤدة بتبيين الْحُرُوف والحركات

وَقد كَانَ الْكتاب قَدِيما يَكْتُبُونَ الْآيَات فِي مثل هَذِه الْمَوَاضِع إِمَّا بمداد يُخَالف فِي اللَّوْن مَا يكْتب بِهِ غَيرهَا أَو بقلم أدق مِنْهُ أَو بِخَط مُخَالف فِي النَّوْع لَهُ فَكَانَ الْمَقْصُود حَاصِلا بذلك

وَهنا أَمر يَنْبَغِي الانتباه لَهُ وَهُوَ أَن السكت كالوقف لَهُ دَرَجَات مُتَفَاوِتَة فِي الْمِقْدَار حَتَّى إِنَّه فِي بعض الْمَوَاضِع لَا يكَاد يشْعر بِهِ لشدَّة خفائه وَذَلِكَ فِي مثل قَوْلك جاد لنا فلَان فَإِنَّهُ إِذا كَانَ من الْجُود تَجِد نَفسك مسوغة إِلَى السكت على الدَّال سكتة خَفِيفَة خُفْيَة بِخِلَاف مَا إِذا كَانَ من الْجِدَال

وَنَحْو قَوْلك مَا سعى أحد فِي فَسَاد فَسَاد فَإِن الْفَاء الثَّانِيَة لَا بُد فِيهَا من سكتة خُفْيَة وَنَحْو قَوْلك مَا لَك لَا تجْعَل مَالك دون مَالك وَأَنت تعلم أَنه سَيكون لَهُ دُونك مَالك وَانْظُر إِلَى لفظ قد رشاني فِي قَول بعض الْقُضَاة مفتخرا بِالْعَدْلِ

(فَمَا خفض الأعادي قدر شاني ... وَلَا قَالُوا فلَان قد رشاني)

فَإنَّك لَا تشك أَنه لابد من سكت فِيهِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ أما فِي الأول فعلى الرَّاء وَأما فِي الثَّانِي فعلى الدَّال وَقد أَشَارَ إِلَى وُقُوع السكت فِي الشّعْر السَّيِّد المرتضى فَإِنَّهُ قَالَ عِنْد ذكر قَول الْكُمَيْت

(وَمَا أَنا مِمَّن يزْجر الطير همه ... أصاح غراب أم تعرض ثَعْلَب)

يجب الْوُقُوف على الطير ثمَّ يبْدَأ بهمه ليفهم الْغَرَض وَلَا يخفى أَن المُرَاد بِالْوَقْفِ هُنَا السكتة الْخَفِيفَة لَا الْوَقْف بِالْمَعْنَى الْمَشْهُور فَإِنَّهُ يُوجب إسكان الرَّاء فيختل الْوَزْن على أَن هُنَا أمرا آخر وَهُوَ أَن الْوَقْف فِيهِ يُوجب التقاء الساكنين وَقد تقرر أَنه لَا يَقع الساكنين فِي الشّعْر إِلَّا فِي الآخر وَأما فِي غَيره فَلَا يَقع نعم

<<  <  ج: ص:  >  >>