ومواضع الْوَقْف التَّام ظَاهِرَة بَيِّنَة فِي الْغَالِب وَلذَلِك ينْدر الِاخْتِلَاف فِيهَا وَقد تكون متعينة وَذَلِكَ إِذا وَقعت فِي آخر الْكَلَام وَذَلِكَ كَمَا فِي الحكم الْآتِيَة قَالَ عبد الله الْمَأْمُون خير الْكَلَام مَا شكل الزَّمَان وَقَالَ أَحْمد بن أبي دؤاد الاستصلاح خير من الاجتياح وَقَالَ بعض الْحُكَمَاء لَا تكن تلميذا لمن يُبَادر إِلَى الْأَجْوِبَة قبل أَن يتدبرها ويتفكر فِيمَا يتفرغ عَنْهَا
وَأما مَوَاضِع الْوَقْف الْحسن أَو الْكَافِي فقد تكون غير بَيِّنَة وَلذَا لم ينْدر وُقُوع الِاخْتِلَاف فِيهَا فكثير مَا يحكم بعض الناظرين على وقف بِأَنَّهُ حسن وَيحكم غَيره بِأَنَّهُ كَاف وَذَلِكَ لاخْتِلَاف نظرهم فِي دَرَجَة التَّعَلُّق بَين الْكَلَام الْمَوْقُوف عَلَيْهِ وَبَين مَا بعده وَكَثِيرًا مَا يكون الْمُخْتَلف فِيهِ فِي الدرجَة الْوُسْطَى بَين النَّوْعَيْنِ فَيكون الِاخْتِلَاف هُنَاكَ غير مستغرب
وَالظَّاهِر أَن الْمَوَاضِع الَّتِي يخْتَلف فِي كَون الْوَقْف فِيهَا حسنا أَو كَافِيا يَنْبَغِي أَن يَجْعَل الْوَقْف فِيهَا من قبيل الْحسن احْتِيَاطًا وَنِهَايَة مَا فِي ذَلِك أَن يَجْعَل الْوَقْف فِيهَا أقصر وَهُوَ لَو لم يقف أصلا لم يكن عَلَيْهِ شَيْء بل رُبمَا كَانَ أحسن لم يؤد ذَلِك إِلَى الِاضْطِرَار إِلَى الْوُقُوف فِي موقف غير مستحسن
وَقد عرفت أَنهم ذكرُوا أَن النَّاظر فِي كتب الْقَوْم إِذا وجدهم قد اخْتلفُوا فِي الْوَقْف فِي مَوضِع فَقَالَ بَعضهم يحسن الْوَقْف فِيهِ وَقَالَ بَعضهم بِخِلَافِهِ وَلم يتَرَجَّح عِنْده أحد الْوَجْهَيْنِ أَن الأولى أَن لَا يقف فِي غير مَوَاضِع الْوَقْف كَانَ ملوما