وَهَذَا إِنَّمَا يَصح على إِطْلَاقه لَو كَانَ الْعلم قد حصل بِمُجَرَّد ذَلِك الْعدَد من غير أَن يكون للقرائن المحتفة بِهِ مدْخل فِي التَّأْثِير لَكِن الْعلم قد يحصل بالقرائن العائدة إِلَى إِخْبَار المخبرين وأحوالهم وَاخْتِلَاف السامعين فِي قُوَّة السماع للْخَبَر والفهم لمدلوله وَمَعَ فرض التَّسَاوِي فِي الْقَرَائِن قد يُفِيد آحادها الظَّن وَيحصل من اجتماعها الْعلم فَأمكن حُصُول الْعلم بثل ذَلِك الْعدَد فِي بعض الوقائع للمستمع دون الْبَعْض لما اخْتصَّ بِهِ من الْقَرَائِن الَّتِي لَا تحصل لغيره
وَلَو سلم اتِّحَاد الْوَاقِعَة وقرائنها لم يلْزم من حُصُول الْعلم بذلك الْعدَد لبَعض الْأَشْخَاص حُصُوله لشخص آخر لتفاوتهما فِي الْفَهم للقرائن وتفاوت الْأَشْخَاص فِي الْإِدْرَاك والذكاء مَعْلُوم بِالضَّرُورَةِ
وَقَالَ أَيْضا ظن قوم أَن لحُصُول الْعلم عقب التَّوَاتُر يشْتَرط عدد معِين وَلَيْسَ بِحَق فَإِن الْعلم هُوَ القَاضِي بِعَدَد الشَّهَادَات دون الْعَكْس فَرب عدد أَفَادَ الْعلم فِي قَضِيَّة لشخص وَلَا يحصل مَعَ مثله فِي تِلْكَ الْقَضِيَّة لغير ذَلِك الشَّخْص أَو فِي غَيرهَا لَهُ
وَقَالَ بعض الْمُتَكَلِّمين إِن حُصُول الْعلم بطرِيق تَوَاتر الْأَخْبَار يخْتَلف باخْتلَاف الوقائع والمخبرين والسامعين فقد يحصل الْعلم فِي وَاقعَة بِعَدَد مَخْصُوص وَلَا بِهِ فِي وَاقعَة أُخْرَى وَقد يحصل بِإِخْبَار جمَاعَة مَخْصُوصَة وَلَا يحصل بِإِخْبَار جمَاعَة أُخْرَى تساويهم فِي الْعدَد وَقد يحصل لسامع لَوْلَا يحصل لسامع آخر