للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

فَإِن قيل لَعَلَّه يكذب فِي إِظْهَار الْخلاف وَهُوَ لَا يَعْتَقِدهُ قُلْنَا لَعَلَّه يصدق وَلَا بُد من مُوَافَقَته كَيفَ وَقد نعلم اعْتِقَاد الْفَاسِق بقرائن أَحْوَاله فِي مناظراته واستدلالاته والمبتدع ثِقَة يقبل قَوْله فَإِنَّهُ لَيْسَ يدْرِي أَنه فَاسق أما إِذا كفر ببدعته فَعِنْدَ ذَلِك لَا يعْتَبر خِلَافه وَإِن كَانَ يُصَلِّي إِلَى الْقبْلَة ويعتقد نَفسه مُسلما لِأَن الْأمة لَيست عبارَة عَن الْمُصَلِّين إِلَى الْقبْلَة بل عَن الْمُؤمنِينَ وَهُوَ كَافِر وَإِن كَانَ لَا يدْرِي أَنه كَافِر نعم لَو قَالَ بالتشبيه والتجسيم وكفرناه فَلَا يسْتَدلّ على بطلَان مذْهبه بِإِجْمَاع مخالفيه على بطلَان التجسيم مصيرا إِلَى أَنهم كل الْأمة دونه لِأَن كَونهم كل الْأمة مَوْقُوف على إِخْرَاج هَذَا من الْأمة والإخراج من الْأمة مَوْقُوف على دَلِيل التَّكْفِير فَلَا يجوز أَن يكون دَلِيل تكفيره مَا هُوَ مَوْقُوف على تكفيره فَيُؤَدِّي إِلَى إِثْبَات الشَّيْء بِنَفسِهِ

نعم بعد أَن كفرناه بِدَلِيل عَقْلِي لَو خَالف فِي مَسْأَلَة أُخْرَى لم يلْتَفت إِلَيْهِ فَلَو تَابَ وَهُوَ مصر على الْمُخَالفَة فِي تِلْكَ الْمَسْأَلَة الَّتِي أَجمعُوا عَلَيْهَا فِي حَال كفره فَلَا يلْتَفت إِلَى خِلَافه بعد الإسم لِأَنَّهُ مَسْبُوق بِإِجْمَاع كل الْأمة وَكَانَ المجمعون فِي ذَلِك الْوَقْت كل الْأمة دونه فَصَارَ كَمَا لَو خَالف كَافِر كَافَّة الْأمة ثمَّ أسلم وَهُوَ مصر على ذَلِك الْخلاف فَإِن ذَلِك لَا يلْتَفت إِلَيْهِ / إِلَّا على قَول من يشْتَرط انْقِرَاض الْعَصْر فِي الْإِجْمَاع

فَإِن قيل لَو ترك بعض الْفُقَهَاء الْإِجْمَاع بِخِلَاف المبتدع الْمُكَفّر إِذا لم يعلم أَن بدعته توجل الْكفْر وَظن أَن الْإِجْمَاع لَا ينْعَقد دونه فَهَل يعْذر من حَيْثُ أَن الْفُقَهَاء لَا يطلعون على معرفَة مَا يكفر بِهِ من التأويلات

قُلْنَا للمسألة صُورَتَانِ

إِحْدَاهمَا أَن يَقُول الْفُقَهَاء نَحن لَا نَدْرِي أَن بدعته توجب الْكفْر أم لَا فَفِي هَذِه الصُّورَة لَا يعذرُونَ فِيهِ إِذْ يلْزمهُم مُرَاجعَة عُلَمَاء الْأُصُول وَيجب على الْعلمَاء تعريفهم فَإِذا أفتوا بِكُفْرِهِ فَعَلَيْهِم التَّقْلِيد فَإِن لم يقنعهم التَّقْلِيد فَعَلَيْهِم السُّؤَال عَن الدَّلِيل حَتَّى إِذا ذكر لَهُم دَلِيله قَاطع فَإِن لم يُدْرِكهُ فَلَا

<<  <  ج: ص:  >  >>