النَّاسِخ من الْمَنْسُوخ كالنص الْوَارِد أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم شرب قَائِما وَالنَّص الْوَارِد أَنه عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام نهى عَن الشّرْب قَائِما
فَإِن من ترك الْخَبَرَيْنِ مَعًا وَرجع إِلَى الأَصْل الَّذِي كَانَ يجب لَو لم يرد ذَلِك الخبران أَو رجح أحد الْخَبَرَيْنِ على الْمعَارض لَهُ بِكَثْرَة رُوَاته أَو بِأَنَّهُ رَوَاهُ من هُوَ أعدل مِمَّن روى الآخر وأحفظ وَمَا أشبه هَذَا من وُجُوه الترجيحات الَّتِي أوردناها فِي بَاب الْكَلَام فِي الْأَخْبَار / من ديواننا هَذَا وَبَيَان وُجُوه الصَّوَاب مِنْهَا من الْخَطَأ فَإِن هَذَا أَيْضا مَكَان يخفى بَيَان الْخَطَأ فِيهِ جدا
وَأما نَحن فَنَقُول بِالْأَخْذِ بِالزَّائِدِ شرعا إِلَّا أننا نقُول وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق إِن من مَال إِلَى أحد هَذِه الْوُجُوه فِي مَكَان م تَركه فِي مثل ذَلِك الْمَكَان واخذ بِالْوَجْهِ الآخر مُقَلدًا أَو مستحسنا فَمَا دَامَ لم يُوقف على تناقضه وَفَسَاد حكمه فمعذور مأجور حَتَّى إِذا وقف على ذَلِك فتمادى فَهُوَ مُتبع لهواه
الْوَجْه الثَّالِث ان يتَعَلَّق بِحَدِيث ضَعِيف لم يتَبَيَّن لَهُ ضعفه أَو بِحَدِيث مُرْسل أَو ادّعى تجريحا فِي رَاوِي حَدِيث صَحِيح إِمَّا بتدليس أَو نَحوه أَو ادّعى أَن النَّاقِل أَخطَأ فِيهِ فَمن اعْتقد صِحَة مَا ذكر من ذَلِك فَهُوَ مَعْذُور مأجور
فَإِذا ترك فِي مَكَان آخر مثل ذَلِك الحَدِيث أَو رد مُرْسلا آخر إرْسَاله فَقَط وَأخذ بِحَدِيث آخر فِيهِ من التَّعْلِيل كَمَا فِي الَّذِي قد رده فِي مَكَان آخر ووقف على ذَلِك - فتمادى - فَهُوَ مُتبع لهواه لإقدامه على الحكم فِي الدّين بِمَا قد سهد لِسَانه بِبُطْلَانِهِ وَإِن لم نقطع بِأَنَّهُ مخطيء لِإِمْكَان أَن يكون قد صَادف الْحق
فَإِن قَالَ قَائِل كَيفَ تَقولُونَ فِيمَن بلغه نَص قُرْآن أَو سنة صَحِيحَة بِخَبَر لَيْسَ من بَاب الْأَمر إِلَّا أَنه قد جَاءَ ذَلِك الْخَبَر فِي نَص آخر باستثناء مِنْهُ أَو زِيَادَة عَلَيْهِ وَلم يبلغهُ النَّص الثَّانِي