السّنة متواتر إِلَّا الْمُتَوَاتر فِي الْمَعْنى دون اللَّفْظ وَمن أطلق فَكَلَامه مَحْمُول على إِرَادَة ذَلِك وَلَا فِي الْإِجْمَاع أَيْضا متواتر
وَقَالَ بَعضهم مُتَحَقق فِي أصُول الشَّائِع كالصلوات الْخمس وَعدد ركعاتها وَالزَّكَاة وَالْحج تحققا كثيرا ومرجع تواترها فِي الْحَقِيقَة الْمَعْنى دونه اللَّفْظ ويقل تحَققه فِي الْأَحَادِيث الْخَاصَّة المنقولة بِأَلْفَاظ مَخْصُوصَة لعدم اتِّفَاق الطَّرفَيْنِ وَالْوسط فِيهَا وَإِن كَانَ مَدْلُول كثير مِنْهَا متواترا فِي بعض الْمَوَارِد فَهِيَ كالأخبار الدَّالَّة على شجاعة عَليّ وكرم حَاتِم ونظائرهما حَتَّى قَالَ ابْن الصّلاح من سُئِلَ عَن إبراز مِثَال لذَلِك أعياه طلبه وَحَدِيث إِنَّمَا الْأَعْمَال بِالنِّيَّاتِ لَيْسَ متواترا وَإِن كَانَت رُوَاته مُنْذُ أصر إِلَى الْآن يزِيد عَددهمْ على عدد التَّوَاتُر أضعافا مضاعفة
وَذَلِكَ لِأَن التَّوَاتُر فيد قد طَرَأَ بعد وَكَثِيرًا مَا يدعى تَوَاتر مَا هُوَ من هَذَا الْقَبِيل مَعَ أَن التَّوَاتُر يشْتَرط فِيهِ أَن يكون حَاصِلا فِي جَمِيع الْأَزْمِنَة لَا سِيمَا أَولهَا فَشرط التَّوَاتُر فِيهَا مَفْقُود من جِهَة الِابْتِدَاء وَقد نَازع بعض الْعلمَاء فِي ذَلِك فَادّعى وجود التَّوَاتُر بِكَثْرَة انْتهى بِاخْتِصَار
وَقد وَقع هُنَا من الْإِبْهَام وَالْإِيهَام فِي الْعبارَات مَا قد يضر الْمُبْتَدِي فَإِنَّهُ رُبمَا توهم مِنْهَا أَنه لَيْسَ فِي السّنة متواتر مَعَ أَن مَا تَوَاتر مِنْهَا سَوَاء كَانَ من جِهَة اللَّفْظ أَو من جِهَة الْمَعْنى كثير يعسر إحصاؤه غير ان الْأَئِمَّة المتعرضين لضبط السّنة لم يعرضُوا لَهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ من مباحثهم
وَالْخلاف الْمَذْكُور إِنَّمَا وَقع فِي أَحَادِيث ذكرت فِي كتب السّنة وَلها أَسَانِيد شَتَّى اتّفقت لَهَا لفرط الْعِنَايَة بهَا وَإِلَّا فالمتواتر يعسر إِيرَاد إِسْنَاد لَهُ على قَوَاعِد الْمُحدثين فضلا عَن أَسَانِيد وَذَلِكَ أَن الْإِسْنَاد إِنَّمَا يحرص عَلَيْهِ فِي أَخْبَار الْآحَاد لما يعرض فِيهَا من الشَّك
وَإِذا ترددت فِيمَا قُلْنَا فَارْجِع إِلَى نَفسك وَانْظُر هَل يمكنك ان تورد إِسْنَادًا لما
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute