للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الحسنى، فثبت أنه لم يزل بجميع أسمائه كما اعتقدناه، وثبت بما قدمناه من البرهان أن الاسم هو اللفظ الدال على المسمى، وإنه غيره، فرجع الحدوث إلى عبارات المخلوقين وألفاظهم، دون كلام رب العالمين، المتقدس عن الحرف والصوت الذي منه ينتظم اللفظ، وأنه مسمى نفسه في الأزل بكلامه الذي لم يزل صفة له، والمنطق عبارة فيما لا يزال بقدرته على التعبير بالعبارة الحادثة عما تضمنه كلامه القديم.

فقد حصحص الحق وانحسم الإشكال، وآل المعنى إلى أن أسمه - سبحانه

وتعالى - إذا تلقيته من كلامه فلا تقل: هو هو، ولا تقل، هو غيره، لأنه حينئذ من (كلامه القديم، وإذا تلقيته من) كلام غيره فهو لا محالة غير المسمى، إذاً الاسم كلمة، فحكمها حكم الكلام الذي هى منه، والقائل أن الاسم هو المسمى على الإطلاق مخالف لمذاهب أهل السنة، لأن أصلهم في الكلام أن لا يقال: هو هو.

وقد قال هذا في الاسم أنه المسمى، المسمى هو المتكلم بالكلام، الذي

الاسم كلمة منه، فقد قال ما لا يقوله أحد، لأنه لم يذهب أحد من الناس إلى أن الكلام هو المتكلم، فلا هو مع المعتزلة ولا (هو) مع السنة.

وأصلنا المتقدم موافق للغة، موافق لمذهب أهل السنة، مخالف لمذهب المعتزلة، لأنهم يقولون بقدم الكلام، فالاسم على مذهبهم هو المسمى، كان من كلام الخالق أو من كلام المخلوق، وهذا باطل وبدعة، نعوذ بالله منها، فقد حصحص الحق، وتبين القصد، والحمد لله.

* * *

فصل

[في أدلة القائلين بأن الاسم هو المسمي]

وأما مثار الغلط من ظواهر القرآن، فأقواها عندهم قوله عز وجل:

(تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ) ، (وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ) ، وسَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى) . ولا يجوز

<<  <   >  >>