للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

سيبويه في باب المصادر، بل صرح، وذلك أنه جعل المصدر المؤكد منصوباً

بفعل هو التوكيد على الحقيقة، واختزل ذلك الفعل، وسد المصدر الذي هو معموله مسده، كما سدت (إياك) و (رويداً) مسد العامل فيهما، فصار التقدير: ضربت ضرباً، فضربت الثانية هي توكيد على الحقيقة، وقد سد ضربا مسدها، وهو معمولها، وإنما يقدر عليها فيه أنه مفعول مطلق لا توكيد.

هذا معنى فول صاحب الكتاب مع زيادة في الشرح.

ومن تأمله هناك وجده كذلك.

والذي أقول به الآن قول الشيخ أبي الحسين، لأن الفعل المختزل معنى.

والمعاني لا يؤكد بها وإنما يؤكد بالألفاظ، وقولك ضربت فعل مشتق من المصدر، فهو يدل عليه، فكأنك قلت: فعلت الضرب.

فضربت يتضمن الضرب المفعول ولذلك تضمره فتقول: من كذب فهو شر له، أي: فالكذب شر له وتقيده بالحال فتقول: قمنا سريعا، فسريعا حال من القيام، فكما جاز أن تقيده بالحال وأن تكتني عنه

بـ هو، جاز أيضاً أن تؤكده بـ (ضرباً) ، كان قلت: ضرباً ضربا ونصب ضرباً الأول ضربا وبه يعمل في الثاني معنى فعلت، كما كان ذلك في المفعول المطلق إذا قلت:

ضربت ضرباً شديداً، أي: فعلت ضرباً شديداً ليس المؤكد كذلك، إنما ينتصب كما ينتصب زيداً الثاني في قولك: ضربت زيداً زيداً مكرراً، انتصب من حيث كان هو الأول لا أنك أضمرت له فعلاً، فتأمله.

* * *

مسألة

(فيما بؤكد من الأفعال بالمصادر وما لا يؤكد)

قد أشرنا إلى أن الفعل قسمان: خاص وعام، فالعام منه نحو: فعلت

وعملت وصنعت، وأعمها كلها فعلت، لأن عملت عبارة عن حركات الجوارح الظاهرة مع دؤب، ولذلك جاء على وزن فعل كـ تعب ونصب ومن ثم لم تجدها يخبر بها عن الله - عز وجل - إلا أن يرد بها سمع فيحمل على المجاز المحض، ويلتمس له التأويل.

<<  <   >  >>