للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كانت " كأن " مخالفة لأخواتها من وجه وموافقة من وجه، من حيث كانت مركبة من " كاف " التشبيه، و " أن " التي للتوكيد، فكان أصلها: " إن زيداً الأسد "، أي: مثل الأسد، ثم أرادوا أن يبينوا أنه ليس هو بعينه فأدخلوا الكاف على الحديث المؤكد إن، لتؤذن أن الحديث مشبه به.

وحكم " إن " إذا دخل عليها عامل أن تفتح الهمزة منها، فصار اللفظ: (كأن زيداً الأسد "، فلما في كلمة من التشبيه المخبر به عن " زيد "، صار

" زيد " بمنزلة من أخبر عنه بالفعل، فوقع موقع النعت والحال، وعمل ذلك المعنى وتعلقت به المجرورات ومن حيث كان في الكلمة وعني إن دخلت في هذا الباب، ووقع في خبرها الفعل نحو قولك: " كأن زيداً يقوم ".

والجملة نحو: " كأن زيداً أبوه أمير ".

ولو لم يكن إلا مجرد التشبيه لم يجز هذا، لأن الاسم لا يشبه بفعل ولا بجملة، ولكنه حديث مؤكد بإن، والكاف تدل على أن خبراً أشبه من هذا الخبر، وذلك الخبر الذي شبه بهذا الخبر هو الذي دل عليه " زيد فكان المعنى: زيد قائم وكأنه قاعد.

و" زيد أبوه وضيع وكأن أبوه أمير "، فشبهت حديثا بحديث، والذي يؤكد الحديث " أن " والذي يدل على التشبيه " الكاف "، فلم يكن بد من اجتماعهما.

* * *

[فصل]

وكل هذه الحروف تمنع ما قبلها أن يعمل فيما بعدها لفظا أو معنى.

أما اللفظ فلأنه لا يجتمع عاملان في اسم واحد، وهذه الحروف عوامل.

وأما المعنى فلا تقول: " سرني زيد قائم أي: سرني هذا الحديث.

ولا " كرهت زيد قائم " أي: كرهت هذا الحديث، كما يكون ذلك في كان

وليس لأن كان ليست بفعل محض فجاز أن تقول: " كأن زيد قائم ".

أي: كأن هذا الحدبث، ولم يجز في " سرني " ولا " بلغني ".

فإن أدخلت " ليت " أو " لعل " أو " إن " المكسورة لم يجز أيضا، لأن هذه

المعاني ينبغي أن يكون لها صدر الكلام فلا يقع قبلها فعل معمل ولا ملغى.

<<  <   >  >>