بناءهما، حتى إذا ضارع الفعل الاسم من وجه آخر غير التضمن للحدث، خرج عن مضارعة الحرف، فكان أقرب شبهاً بالأسماء كما تقدم.
ولما قدمناه من دلالة الفعل على معنى في الاسم - وهو كون الاسم مخبراً
عنه - وجب أن لا يخلو عن ذلك الاسم مضمراً أو مظهراً، بخلاف الحدث فإنك تذكره ولا تذكر الفاعل مضمراً ولا مظهراً، نحو قوله تعالى:
(أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ (١٤) يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ (١٥) .
ونحو قوله تعالى: (وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ) ، وغير ذلك.
والفعل لا بد من ذكر الفاعل بعده كما لا بد بعد الحرف من ذكر الاسم الذي دخل لمعنى فيه.
* * *
فصل
(في صيغ الفعل)
فإن قيل وإذا ثبت المعنى في اشتقاق الفعل من المصدر، وهو كونه دالاً على
معنى في الاسم، فلا يحتاج من الأفعال الثلاثة إلا إلى صيغة واحدة، وتلك الصيغة هي لفظ الماضي لأنه أخف وأشبه بلفظ الحدث، إلا أن تقوم الدلالة على اختلاف أحوال الحدث فتختلف حينئذ صيغة الفعل، ألا ترى كيف لم تختلف صيغته بعد " ما " الظرفية من قولهم: " لا " أفعله ما لاح برق، ولا ما طار طائر، لأنهم يريدون الحدث مخبراً (به) على الإطلاق من غير تعرض لزمان ولا من حال من أحوال الحدث.
فاقتصروا على صيغة واحدة وهي أخف أبنية الفعل.
وكذلك فعلوا بعد التسوية نحو قوله تعالى: (سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ) .
ونحو قوله تعالى: (أَدَعَوْتُمُوهُمْ أَمْ أَنْتُمْ صَامِتُونَ) الآية.
أراد التسوية بين الدعاء والصمت على الإطلاق من غير تقييد
بوقت ولا حال، فذلك لم يحتج إلا (إلى) صيغة واحدة، وهي صيغة الماضي.
كما سبق.
فالحدث إذاً على ثلاثة أضرب: