للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

العلم والكلام، لأنك تقول للمخاطب: تكلم.

فيقول: قد تكلمت. فيكون صادقاً

وإن لم ينطق قبل ذلك، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - للأعرابي حين قال له يا ابن عبد المطلب -: قد أجبتك ". فكان قد أجبتك جواباً وخبراً عن الجواب، فتناول القول نفسه.

وكذلك تعبدنا في التلاوة أن نقول: (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) .

لأن قل أمر يتناول ما بعده ويتناول نفسه، فمن ثم جاء مصدر القول على القيل، كما جاء مصدر علمت على لعلم، وجاء أيضا على القال، وهو على وزن القبض لأن القول قد يكون مقولاً بنفسه.

وجاء أيضا على الأصل مفتوح الأول.

وأما العلم فلم يجئ إلا مكسوراً كان مصدراً أو مفعولًا، لأنه لا يكون أبداً إلا

معلوما بنفسه، والقول بخلاف ذلك، قد يتناول نفسه في بعضر الكلام وقد لا يتناول إلا المقول، وهو الأغلب فيه، والله المستعان.

وأما الفكر فهو كالعلم لقربه منه في معناه، ومشاركته له في محله، وليس باسم عند سيبويه، ولذلك منع من جمعه فقال: لا يجمع الفكر على أفكار، حمله على المصادر التي لا تجمع.

وقد استهوى الخطباء والقصاص خلاف هذا القول.

والله الموفق للصواب.

وأما الذكر فبمنزلة العلم، لأنه نوع منه.

* * *

فصل

(فيما يحدد من المصادر بالهاء، وفيه بقايا من الفصل الأول)

قد تقدم أن الفعل لا يدل على مصدره إلا مطلقاً غير محدود ولا منعوت، وأنك إذا قلت: ضربت ضربة فإنما هي مفعول مطلق لا توكيد، لأن التوكيد لا يكون في معناه زيادة على المؤكد، ومن ثم لا تقول: سير زيد سريعة، تريد: سيرة سريعة، ولا: قعدت طويلةً، لأن الفعل لا يدل بلفظه على المرة الواحدة.

<<  <   >  >>