للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فصل

(في الحال من المصدر وفيما ورد من المصادر على وزن فعل)

ومن حيث امتنع أن يؤكد الفعل العام بالمصدر لشيوعه كامتناع النكرة من

التوكيد لشيوعها، وأنها لم تثبت لها عين - فمن ثم لم يجز أن يخبر عنه كما لا يخبر عن النكرة، لا تقول: من فعل كان شراً له بخلاف: من كذب كان شراً له، لأن كذب فعل خاص فجاز الإخبار عما تضمنه من المصدر، ومن ثم لم يقولوا: فعلت سريعاً ولا: عملت طويلاً، كما تقول: سرت سريعاً، وقعدت طويلاً على الحال من المصدر كما يكون الحال من الاسم الخاص ولا يكون من النكرة الشائعة.

فإن قلت: اجعله نعتاً للمفعول المطلق، كأنك قلت: فعلت فعلاً سريعاً

وعملت عملاً كثيراً.

قلنا: لا يجوز إقامة النعت مقام المنعوت إلا على شروط، وفد تقدمت في باب النعت، فليس قولهم: سرت سريعاً نعتاً لمصدر نكرة محذوف، إنما هو حال من مصدر في حكم المعرفة بدلالة الفعل الخاص عليه.

ففد استقام المنسم للناظر في فصول هذه المسألة، واستتب القياس فيها من

كل وجه، والحمد لله.

فإن قيل: فما قولكم في علمت علماً، أليس هو مصدراً لعلمت، فلم جاء

مكسور الأول كالطحن والذبح؟

قلنا: العلم يكون عبارة عن المعلوم، كما تقول: قرأت العلم، ويكون عبارة عن المصدر نفسه الذي اشتق منه علمت إلا أن ذلك المصدر مفعول لعلمت، لأنه معلوم بنفس العلم لأنك إذا علمث الشيء فقد علمت، وعلمت أنك قد علمته بعلم واحد، فقد صار العلم معلوماً بنفسه، فلذلك جاء على وزن الطحن والذبح.

وليس له نظير في الكلام إلا قليل، لا أعلم فعلاً يتناول المفعول ويتناول نفسه إلا

<<  <   >  >>