التقييد الحدث وجره إلى الاسم على وجه ما من الإضافة، فلا تعلق له إلا
بالحدث، والحدث الذي هو المصدر لا يمكن تقديره ههنا لأنه خبر المبتدأ، والمبتدأ ليس هو الحدث، فبطل أن يكلون التقدير: زيد استقر في الدار، وبطل أيضاً أن يكون التقدير: " زيد استقر في الدار ".
ألا ترى أنه يقبح أن يقال: " زيد في الدار أمس ".
أو: " أول من أمس ".
وإذا بطل القسمان، أعني إضمار المصدر وإضمار
الفعل، لم يبق إلا القسم الثالث وهو إضمار اسم الفاعل لتصح الفائدتان:
إحداهما: أن يكون خبراً عن المبتدأ، ويضمر فيه ما يعود عليه، إذ لا يمكن
ذلك في المصدر.
والثانية: أن يصح تعلق الجار به، إذ مطلوبه الحدث، واسم الفاعل متضمن
للحدث لا للزمان، والله المستعان.
* * *
فصل
(في إعراب الاسم المرفوع بعد الظرف)
إذا ثبت هذا فلا يصح ارتفاع اسم بعد الظرف والمجرور بالاستقرار على أنه
فاعل، وإن كان في موضع خبر أو نعت، وإنما يرتفع بالابتداء كما يرتفع في قولك: " قائم زيد " بالابتداء، لا بقائم، خلافاً للأخفش على ما سيأتي برهانه، إن شاء الله تعالى.
فإن قيل: أليس قد يرتفع الاسم بقائم إذا كان " قائم " معتمداً على مبتدأ، أو
كان نعتاً، أو حالاً، أو كان قبله الاستفهام وما يطلب الفعل، فيرتفع أيضاً ههنا به؟
قلنا: قد توهم: قوم أن هذا هو مذهب سيبويه، وأنه يجيز أن يرتفع
بالظرف إذا قلت: " وزيد في الدار أبوه " و " مررت برجل معه صقر ".
وليس هذا مذهب الرجل، وقد بين أبو سعيد السيرافي مراد سيبويه، وشرح وجه الغلط عليه بما فيه غنية.
والفرق بين الظرف وبين اسم الفاعل مشتق وفيه لفظ الفعل موجود، فإذا