للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

اقترنت به ألف الاستفهام أو قرينة من القرائن المتقدمة التي يقوي بها معنى الفعل، عمل عمل الفعل.

والظرف في قولك: " زيد في الدار أبوه " لا لفظ للفعل فيه، إنما

هو معنى معلق به الحرف ويدل عليه، فلم يكن في قوة القرينة التي اعتمد عليها أن تجعله كالفعل، كما لم يكن في قوته إذا كان ملفوظاً به دون قرينة أن يكون كالفعل.

حتى يجتمع (الاعتماد) المقوي لمعنى الفعل مع اللفظ المشتق من الفعل.

فيعمل حينئذ عمل الفعل، فتقول: " زيد ذاهب غلامه ".

و" مررت برجل قائم أبوه ".

ووجه آخر من الفرق بين المسألتين، وهو أنك إذا قلت: مررت برجل قائم

أبوه، فالقيام - لا محالة - مسند إلى الأب في المعنى، وهو في اللفظ جار على ما قبله، وفي المعنى مسند إلى ما بعده، فأما الظرف والمجرور فليس للصفة المشتقة لفظ يجري على ما قبله، إنما هو معنى يتعلق به الجار، وذلك المعنى مسند إلى الاسم المرفوع وخبر عنه، فصح أنه مبتدأ والمجرور خبر عنه، والجملة في موضع نعت أو خبر.

فإن قيل: فيلزمكم إذا قدمتم الظرف في موضع الخبر وقدرتم فيه ضميراً يعود

على المبتدأ أن تجيزوا: " في الدار نفسه زيد و " فيها أجمعون إخوتك "

وهذا لا يجيزه أحد وفي هذا حجة للأخفش ولمن رفع بالظرف.

قلنا: إنما قبح توكيد المضمر إذا كان الظرف خبراً مقدماً، لأن الظرف في

الحقيقة ليس هو الحامل للضمير، إنما هو متعلق بالاسم الحامل للضمير وذلك

الاسم غير موجود في اللفظ حتى يقال: إنه مقدم في اللفظ مؤخر في المعنى، وإذا لم يكن ملفوظاً به فهو في المعنى والرتبة بعد المبتدأ، والمجرور المقدم قبل

المبتدأ دال عليه، والدال على الشيء غير الشيء، فلذلك قبح:

" فيه أجمعون الزيدون "، لأن التوكيد لا يتقدم على المؤكد، ولذلك صح تقديم خبر " إن " على اسمها إذا كان ظرفا، لأن الظرف ليس هو الخبر في الحقيقة، إنما هو متعلق بالخبر.

والخبر منوي في موضعه مقدر في مكانه ولذلك لم ينكسر أصل الخليل في منعه

تقديم خبر المبتدأ مع كثرة هذا النحو في الكلام، أعني: " في الدار زيد "، ولذلك

<<  <   >  >>