للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فإن قيل: فما وجه مضارعة الفعل المستقبل والحال؟.

قلنا: دخول الزوائد عليه ملحقة بالحروف الأصلية متضمنة لمعاني الأسماء

كالمتكلم والمخاطب، فيما تضمن معنى الاسم أعرب، كما بني من الأسماء ما

تضمن معنى الحرف.

ومع هذا فإن الأصل في دخول حروف الزوائد الأربع، فأشبه

الأسماء، وصلح فيه من الوجوه ما لا يصلح في الماضي، وعول في المضارعة على الفصل المتقدم، فهو أظهر وأقطع للبس وأولى بالتحقيق، ودع عنك ما علل به النحويون في مضارعة الفعل للاسم من كلام واهي القواعد عن منهاج التحقيق متباعد، والله الموفق للصواب، والمستعان على سلوك طريق ذوي الألباب.

* * *

مسألة

(في الفعل بعد الجوازم)

" لام " الأمر، و " لا " في النهي، وحروف المجازاة: هذه الجوازم كلها داخلة

على المستقبل، فحقها أن لا يقع بعدها لفظ الماضي، ثم قد يوجد ذلك لحكمة.

أما حرف النهي فلا يكون فيه ذلك كيلا يلتبس بالنفي لعدم الجزم، ولكن إذا كانت " لا " في معنى الدعاء جاز وقوع الفعل بعدها بلفظ الماضي، ثم قد يوجد بعد ذلك لوجوه منها: أنهم أرادوا أن يجمعوا التفاؤل مع الدعاء في لفظ واحد، فجاؤوا بلفظ الفعل الحاصل في معرض الدعاء تفاؤلًا بالإجابة فقالوا: " لا خيبك الله " و " لا رحم الكافر) ، ونحو ذلك.

وفائدة أخرى، وهي أن الداعي قد يُضمِّن دعاءه القصد إلى إعلام السامع

وإعلام المخاطب بأنه داع، فجاء اللفظ بلفظ الخبر، إشعاراً بما تضمنه من معنى الإخبار، تقول: " أعزك الله وأبقاك " و " أكرم الله زيداً ".

و" لا رحم فلاناً "، جمعت بين الدعاء والإخبار بأنك داع.

ويوضح ذلك ويبينه أنك لا تقول ذلك في حال مناجاتك مولاك وسؤالك إياه

لنفسك أو لغيرك، حيث لا أحد يسمعك أو يراك، لا تقول: (رحمني رب)

<<  <   >  >>