للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أحدهما: اتصال الفعل بالمجرور فإن تباعد منه لم يكن بد من " الباء ": نحو

قولك: " أمرت الرجل يوم الجمعة بالخير " يقبح حذف الباء، لأن المعنى الذي من أجله حدفث " الباء " ليس بلفظ، وإنما هو معنى في الكلمة، وهو ما تضمنته في معنى " كلفتك " فلم يقو على الحذف إلا مع القرب من الاسم كما كان ذلك في (اخترت) ، وقد تقدم، ألا ترى إلى قوله سبحانه وتعالى:

(قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِمَنْ آمَنَ)

كيف أعاد حرف الجر في البدل لما طال الأول بالصلة

وكذلك قوله: (يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ مِنْ بَقْلِهَا) ، على أحد القولين، فإذا أعيد حرف الجر مع البدل لطول الاسم الأول، فإثبات الحرف من نحو: " أمرتك الخير " إذا طال الاسم أجدر والشرط الثاني: أن يكون المأمور به حدثاً، فإن كان جسماً أو جوهراً، لم تحذف الباء من نحو: " أمرتك بزيد "، ولا تقول: أمرتك زيداً، لأن الأمر في الحقيقة ليس به ولا للتكليف به متعلق، وإنما تدخل الباء عليه مجازاً، كأنك قلت: أمرتك بضرب زيد أو إكرامه "، ثم حدفت.

وأما " نهيتكن عن الشر " فلا يجوز حذف الحرف الجار فتقول: نهيتك

الشر، لأنه ليس في ضمن الكلام ما يتضمن النصب، والنهي عن الشيء إبعاد عنه وكف وزجر، وكل هذه المعاني متعدية بـ عن، فلم يكن بد منها، بخلاف الأمر فإنه إغراء بالشيء وإلزاق به فمن ثم تعدى بالباء وهو أيضا بمعنى التكليف والإلزام، فمن ثّمَّ جاز إسقاط الباء.

* * *

مسألة

(في " عرفت " و " علمت " ونحوهما)

أما " عرفت " فأصل وضعها لتمييز الشيء وتعيينه حتى يظهر للذهن منفرداً من

معنى زائد عليه، وهذه اللفظة مأخوذة من لفظ " العرف "، وهو ما ارتفع من الأرض حتى يظهر ويتميز.

وأما " علمت " فأصل موضوعها للمركبات لا لتمييز المعاني المفردة، ومعنى

<<  <   >  >>