لفظاً وهي معلومة المعنى، فإذا قلت:" نفعني عبد الله "، علم أن النافع فيه صفة وعرض مضاف إليه، فبينت ذلك العرض ما هو، فقلت:" علمه أو رأيه،، ثم أضفت العلم إلى ضمير الاسم، كما كان الاسم المبدل منه مضافاً إليه في المعنى، فصار التقدير: " نفعني صفة زيد أو خصلته "
ثم بينت بقولك: " علمه "، فعلم ما هي - تلك الخصلة، فآل المعنى إلى بدل الشيء من الشيء وهما لعين واحدة.
وإذا ثبت هذا فلا يصح في بدل الاشتمال أن يكون الاسم الثاني جوهراً، لأنه لا يبدل جوهر من عرض، ولا بد من إضافته إلى ضمير الاسم لأنه بيان لما هو مضاف إلى ذلك الاسم.
والعجب كل العجب من إمام صنعة النحو في زمانه، وفارس هذا الشأن ومالك عنانه، يقول في كتاب " الإيضاح " في قوله سبحانه:
(النَّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ) : إنها بدل من (الأخدود) بدل الاشتمال، والنار جوهر وليست بعرض، ثم ليست مضافة إلى ضمير الأخدود، وليس فيها شرط من شروط بدل الاشتمال. . . وذهل أبو علي عن هذا، وترك ما هو أصح في المعنى وأليق بصناعة النحو، وهو حذف المضاف وإقامة
المضاف إليه مقامه، كأنه قال: " قتل أصحاب الأخدود، أخدود النار ذات الوقود ".
فيكون من بدل الشيء من الشيء وهما لعين واحدة، كما قال:
رَضيعَيْ لِبانِ ... ثَدْيِ أُمٍّ تَحالَفَا
وفي رواية الخفف، أراد: لبان ثدي أم، فحذف المضاف إيجازاً واختصاراً.