للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

" الألف واللام " تكون للعهد، فإن في ذلك نقصاً في الأدب، وشحا بسلام مجدد، وإخلالاً بمقاصد السلف، لأنهم لا يردون: السلام المتقدم عليك. وهذا غث من القول! ولكن أشعرت " الواو " بعطف فصل على فصل من الكتاب، فلما فرغ منها قال: " والسلام عليك " يريد: وبعد هذا كله " السلام عليك ".

وقد تقدم أن " السلام " إذا انبنى على اسم مجرور قبله كان بالألف واللام.

كقولك: (عليك السلام) ، وإن لم يكن ههنا مجرور فالواو مشعرة به ومغنية عن ذكره.

وهذا المعنى الذي لحظه كتَّابُ السلف وقلدهم فيه الخلف، بل ما تقول إلا

أنها حكمة نبوية وفصاحة شرعية موروثة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -.

والسعيد من فهم عنه، واقتبس العلم من لدنه، والحمد لله.

* * *

[فصل]

خبر المبتدأ إذا كان جملة فلا بد من مضمر يعود على المبتدأ، لأن الجملة

كلام مستقل بنفسه، فإن لم يكن فيه ضمير يعود على المبتدأ وإلا انقطع الكلام منه واستغنى عنه، فإن كان اسماً مفرداً جامداً لم يحتج إلى رابط يربطه بالأول، لأن المخاطب يعرف أنه مسند إليه من حيث (كان) لا يقوم بنفسه، لا كما زعم المنطقيون أن الرابط بينهما لا بدَّ منه مضمراً أو مظهراً!

وكيف يكون مضمراً ويدل على ارتباط أو غيره والمخاطب لا يستدل إلا بلفظ يسمعه لا بشيء تضمره في نفسك.

ولو احتجنا إلى " هو " مضمرة أو مظهرة لاحتجنا إلى " هو " أخرى تربط الخبر

بها، وذلك تسلسل.

فإن كان الخبر اسماً مفرداً مشتقا من فعل، كان فيه ضمير فاعل بذلك الفعل.

لا من حيث كان خبر للمبتدأ، ولكن من حيث كان فيه معنى الفعل، والفعل لا بد له من فاعل فإن قيل: وما برهانه أن فيه ضميراً في اعتقاد العرب؟

قلنا: تأكيدهم له وإبدالهم منه، وليس له ظهور في التثنية ولا في الجمع.

أعني إذا كان اسما، إنما يكون له علامة في التثنية والجمع إذا كان فعلاً نحو:

" يذهبان " ويذهبون.

وأما " ذاهبان " و " ذاهبون "، فالواو والألف علامتا إعراب

<<  <   >  >>