للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لتقدم ذكر اليوم الذي هو مشتمل على الأوقات الموصوفة لهذه المعاني، كما استغنى عن ذكر المنعوت إذا قلت: زيد قائم، ولا شك أن المعنى: زيد رجل قائم، ولكن ترك ذكر الرجل لأنه " زيد ".

وكذلك: جاءني زيد صالحاً، أي: رجلاً صالحاً.

ولكن زيداً هو الرجل. فأغناك عن ذكره.

وكذلك ما نحن بسبيله من هذه الأسماء التي هي نفسها أوصاف

لأوقات أغنى ذكر اليوم - الذي هو له - عن ذكرها لاشتمالها عليه.

ولم يكن ذلك في " سحر ". ومن ثم أيضاً لم تتمكن، فتقول: سير عليه يوم

الجمعة ضحوة وعشية، لأن تمكنها يخرجها إلى حيز الأسماء ويبطل منها معنى

الصفة، فلا ترتبط حينئذ باليوم الذي أردتها له.

وتنضاف إلى هذه العلة علة أخرى قد تقدمت في فصل " سحر ".

وكذلك كل ما كان من الظروف نعتاً في الأصل نحو: " ذا صباح "

و" ذات مرة "، و " أقمت طويلاً "

و" جلست قريباً " - لا يتمكن ولا يخرج عن الظرف.

ويلحق بهذا الفصل " نهاراً " إذا قلت: خرجت اليوم نهاراً، لأنه مشتق من قوله - عليه الصلاة والسلام -:

" أَنْهِرُوا الدَّمَ بِمَا شِئْتُمْ ".

يريد الانتشار والسعة.

ومنه " النهر من الماء، لأنه بالإضافة إلى المفجرة بمنزلة النهار بالإضافة إلى فجره، لأن النهار ما ينتشر ويتسع، فما انفجر من الماء بمنزلة ما انتشر واتسع من فجر الضياء، واليوم أوسع من النهار في معناه، فصار قولك: " خرجت اليوم نهاراً " كقولك " خرجت اليوم ظهراً وعشياً ".

معنى الاشتقاق فيها كلها بين، فجرت بمعنى الأوصاف

النكرات في تنوينها وعدم تمكنها.

* * *

[فصل]

وأما " غدوة " و " بكرة " فهما اسمان علمان، وعدم التنوين فيهما للتعريف

والتأنيث، والذي أخرجهما من باب " ضحوةا " و " عشية " - وإن كان فيهما معنى

<<  <   >  >>