للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الحرف لأن لفظ الإضمار يصلح للزمان ولغيره فقلت: " يوم الجمعة خرجت

فيه ".

وقد تقول: " خرجت في يوم الجمعة "، لأنها وإن كانت أسماء موضوعة للتاريخ - فقد يخبر عنها فتقول: " ذهب اليوم "، كما يخبر عن المكان، إلا أن الإخبار عن المكان المحدود أكثر وأقوى، لأن الأمكنة أشخاص كزيد وعمرو، وظروف الزمان بخلاف ذلك، فمن ثم قالوا: " سرت اليوم "

و" سرت في اليوم "، ولم يقولوا: " جلست الدار "، بغير حرف الوعاء.

* * *

فصل

(في تعدي الفعل إلى الظرف)

فإن كان الظرف مشتقاً من فعل، تعدي الفعل إليه بنفسه، لأنه في معنى الصفة التي لا تتمكن ولا يخبر عنها.

وذلك نحو " قبل " و " بعد " و " قريباً " منك، لأن في

" قبل " معنى المقابلة، وهو من لفظ " قبل ". و " بعد " من لفظ " بعد "، وهذا المعنى هو من صفة المصدر، لأنك إذا قلت: " جلست قبل جلوس زيد "، فما في " قبل " من معنى المقابلة فهو من صفة جلوسك.

ولم يمتنع الإخبار عن " قبل " و " بعد " من حيث كان غير محدود، لأن الزمان

والدهر قد يخبر عنهما، وهما غير محدودين، تقول:

" قمت في الدهر مرة ".

وإنما

امتنع " قمت في قبلك " للعلة التي ذكرناها.

ومن هذا النحو ما تقدم في فصل " غدوة " و " عشية "، من امتناع تلك الأسماء من التمكن لما فيها من معنى الوصف، وما فيها من معنى الوصف راجع إلى الاسم الذي هو الفاعل، نحو: " خرجت بصراً وظلاماً "، أي: مبصراً ومظلماً، وكذلك " عشياً " و " ضحى ".

وإن كنا قد قدمنا أن هذه المعاني أوصاف للأوقات فليس

بمناقض لما قلناه آنفاً، لأن هذه الأوقات قد توصف بهذه المعاني مجازاً، وأما في

الحقيقة فالأوقات هي الفلك، والحركة لا توصف بصفة معنوية، لأن العرض لا يكون حاملاً للوصف.

ومن هذا الفصل: " خرجت ذات يوم " و " ذات مرة "، لأن " ذات " في أصل

<<  <   >  >>