للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مسألة

(في حذف حرف العطف)

لا يجوز إضمار حروف العطف، خلافاً للفارسي ومن قال بقوله، لأن الحروف أدلة على معان في نفس المتكلم، فلو أضمرت لاحتاج المخاطب إلى وحي يسفر به عما في نفس مُكلِّمه وحكم حروف العطف في هذا حكم حروف النفي والتوكيد والتمني والترجي وغير ذلك، اللهم إلا أن حروف الاستفهام قد يسوغ إضمارها في بعض المواطن، لأن للمستفهم هيئة تخالف هيئة المخبر، إلا أنهم احتجوا لمذهبهم بآي من كتاب الله تعالى، وأشياء من كلام العرب هي عند التأمل والتحصيل حجة

عليهم، كقول الشاعر:

كيف أصبحت كيف أمسيت ... مما يثبت الود في فُؤاد الكريم

هو عندهم على إضمار حرف العطف، ولو كان كذلك لانحصر إثبات الود في هاتين الكلمتين من غير مواظبة ولا استمرار عليهما.

ولم يرد الشاعر ذلك، وإنما أراد أن يجعل أول الكلام ترجمة على سائره.

يريد الاستمرار على هذا الكلام والمواظبة عليه، كما تقول: قرأت ألفاً باء، جعلت ذكر هذين الحرفين ترجمةً لسائر الباب وعنواناً للغرض المقصود.

ولو قلت: قرأت ألفاً وباء، لأشعرت بانقضاء المقروء حيث عطفت الباء على الألف دونما بعدها، فكان مفهوم الخطاب أنك لم تقرأ غير هذين الحرفين.

ألا ترى كيف أشعرت الواو العاطفة في قوله سبحانه:

(وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ) ، على انقضاء العدد المتنازع فيه.

وما مثلوا به من قولهم: " اضرب زيداً عمراً خالداً "، ليس كما ظنوه من إضمار الواو ولو كان كذلك لاختص الأمر بالمذكورين، وإنما المراد الإشارة بهم إلى ما

<<  <   >  >>