بالرتبة والمكان، لأنهم كانوا مجاورين لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - وللمخاطبين بالآية.
وأقرب إليهم (ذكراً) من النصارى.
وأما ذكر (الضالين) بلفظ " فاعلين "، ولم يرد بلفظ المفعولين، لئلا يكون
كالعذر لهم، وإنما ينبغي أن يخبر عنهم باكتسابهم ضلالهم، لا بإضلال الله - عز وجل - إياهم وأما فائدة العطف بلا مع " الواو " فلتأكيد النفي الذي تضمنه (غير) ، فلولا ما فيها من معنى النفي لما عطف بلا مع " الواو ".
وفائدة هذه التوكيد أن لا يتوهم أن " الضالين " داخل في حكم
(الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ) ، أو وصف لهم، ألا ترى أنك إذا قلت:
" ما مررت بزيد وعمرو "، توهم أنك إنما تنفي الجميع بينهما خاصة، فإذا قلت: " ما مررت بزيد وعمرو "، علم أنك تنفي
الفعل عنهما جميعاً، على كل حال من اجتماع وافتراق؟
* * *
مسألة
(في ذكر بدل البعض من الكل وبدل المصدر من الاسم)
وهما جميعاً يرجعان في المعنى والتحصيل إلى بدل الشيء من الشيء، وهما
لعين واحدة، إلا أن البدل في هذين الموضعين لا بد من إضافته إلى ضمير المبدل منه، بخلاف (بدل) الشيء من الشيء وهما لعين واحدة.
أما اتفاقهم في المعنى فلأنك إذا قلت: رأيت القوم أكثرهم أو نصفهم، فإنما
تكلمت بالعموم وأنت تريد الخصوص، وهو شائع في اللغة لا ينكر جوازه أحد، وإذا كان كذلك فإنما أردت: لقيت بعض القوم، وجعلت أكثرهم أو نصفهم تبييناً لذلك البعض وأضفته إلى ضمير القوم، كما كان الاسم المبدل مضافاً أيضاً إلى القوم، فقد آل الكلام إلى أنك أبدلت شيئاً من شيء وهما لعين واحدة.
وأما بدل المصدر من الاسم فكذلك أيضاً، لأن الاسم من حيث كان جوهراً أو جسما لا يعجب ولا ينفع ولا يضر، وإنما يتعلق المدح والإعجاب وغير ذلك من المعاني بصفات وأعراض قائمة بالجسم، وعلم ذلك ضرورة حتى استغني عن ذكرها