يتفوض إن شاء الله تعالى بنا، ولا يدوي لك فرع أختنا (١) .
اعلم أن الأفعال مضارعة للحروف، من حيث كانت عوامل في الأسماء مثلها، ومن هنا استحقت البناء، وحق العامل أن لا يكون مهيئاً لدخول عامل آخر عليه، كيلا يفضي الأمر إلى التسلسل المستحيل عقلاً وأصلاً، والفعل الماضي بهذه الصورة وعلى أصله من البناء ومضارعة الحروف العوامل في الأسماء، فليس يذهب الوهم عند النطق، إلا إلى انقطاعه عما قبله إلا بدليل يربطه، وقرينه تضمنه إليه تجمعه.
لذلك لا يكون في موضع الحال ألبتة، لا تقول " جاء زيد ضحك "، لتجعل هذا الفعل في موضع الحال من " زيد " إذ لا جامع بينهما.
فإن قلت: فقد يكون في موضع الصفة من النكرة، كقولك: " مررت برجل
ذهب "؟
قلنا: افتقار النكرة إلى الوصف، وفرط احتياجها إلى التخصيص تكملة
لفائدة الخبر هو الربط بين الفعل وبينهما، بخلاف الحال، فإنها تجيء بعد استغناء الكلام وتمامه.
وأما كونه خبراً للمبتدأ فلفرط احتياج المبتدأ إلى خبره، جاز ذلك.
حتى إنك إذا أدخلت " إن " على المبتدأ بطل أن يكون الماضي في موضع الخبر، إذا كان في خبرها اللام لما في اللام من معنى الابتداء والاستئناف لما بعدها، فاجتمع ذلك مع صيغة المضي وتعاونا على منع الفعل الماضي من أن يكون خبراً لما قبلها، وليس ذلك في المضارع.
فهذا أصل يبين لك ما تقدم قبله، ويفيدك أسراراً فيما يرد
عليك من هذا الباب بعده.
وليس الفعل المضارع كالماضي، لأن مضارعته للاسم هيأته لدخول العوامل
عليه، والتصرف بوجوه الإعراب كالاسم، وأخرجته عن شبه العوامل التي لها صدر الكلام، وصيرته كالأسماء المعمول فيها، فوقع موقع الحال والوصف
وموقع خبر المبتدأ و (إن) ، ولم يقطعه دخول " اللام " عن أن يكون خبراً في باب (إن) كما فطع الماضي، من حيث كانت صيغة الماضي لها صدر الكلام، كما تقدم.
(١) في هذه الفقرة كلمات غير وأضحة أدى إلى عدم فهم المقصود منها ولعل بها سقطاً.