للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن ثم بطل ما أجازه (النحاس) ، وغيره من قولهم: زيد ظننتها منطلق.

تريد الظنة، لأن الفعل لا يدل عليها.

وإذا ثبت هذا فالتحديد في المصادر ليس يطرد في جميعها، ولكن فيما كان

منها حركة للجوارح الظاهرة ففيه يقع التحديد غالباً، لأنه مضارع للأجناس الظاهرة التي يقع الفرق بين الواحد فيه والجنس بهاء التأنيث نحو: تمرة وتمر، ونخلة ونخل.

وكذلك نقول: ضربة وضرب.

وأما ما كان من الأفعال الباطنة نحو: علم وحذر وفرق ووجل، وكذلك ما كان طبعا نحو: ظرف وشرف - فلا يقال في شيء من ذلك: فعلة، لا يقال: فهم فهمة، ولا: ظرف ظرفة.

وكذلك ما كان من الأفعال عبارة عن الكثرة والقلة نحو: طال وقصر، وكبر وصغر، وقل وكثر، لا تقول: كبرة ولا: صغرة.

وأما قولهم: الكبرة، في الهرم، فعبارة عن الصفة وليست بواحدة من الكبر.

وكذلك الكبرة ليست كالضربة من الضرب، لأنك لا تقول: كثر كثراً.

وأما حمداً فما أحسبه يقال في تحديده: حمدة، كما تقول: مدحته مدحة.

لأن حمد فعل يتضمن الثناء مع العلم بما يثني به، فإن تجرد عن العلم كان مدحاً ولم يكن حمداً، فكل حمد مدح وليس كل مدح حمداً.

ومن حيث كان يتضمن العلم بخصال المحمود جاء فعله على حمد بالكسر موازياً لعلم، ولم يجئ كذلك مدح.

فصار المدح في الأفعال الظاهرة كالضرب ونحوه، ومن ثم لم نجد في لكتاب ولا في السنة: حمد ربنا فلاناً.

وفد تقول: مدح الله - سبحانه - فلاناً، وأثنى على فلان.

ولا تقول حمد إلا لنفسه.

ولذلك قال الله - سبحانه -: (الْحَمْدُ لِلَّهِ) بالألف واللام التي للجنس.

فالحمد كله له إما ملكاً وإما استحقاقاً، فحمده لنفسه استحقاق، وحمد العباد له

<<  <   >  >>