وعين ولام - لأنك إذا قلت: - ضربت ضرباً، فالضرب ليس بمضروب، ولكنك حين قلت: ضربت تضمن ضربت معنى قلت لأن كل ضرب فعل، وليس كل فعل ضرباً.
فصار هذا بمنزلة تضمن الإنسان والحيوان، إذ كل إنسان حيوان، وليس كل حيوان إنساناً.
وإذا كان الأمر هنا كذلك، فضرباً منصوب بفعلت المدلول عليها بضربت.
حتى كأنك قلت: فعلت ضرباً.
ولا يكون المصدر مفعولاً مطلقاً حتى يكون منعوتا أو في حكم المنعوت.
وإنما يكون توكيداً للفعل لأن الفعل يدل عليه دلالة مطلقة ولا يدل علمِه محدداً ولا منعوتا.
وقد يكون مفعولاً مطلقاً وليس له نعت في اللفظ إذا كان في حكم
المنعوت، كأنك تريد: ضربا ما، فلا يكون حينئذ توكيداً، إذ لا يؤكد الشيء بما فيه معنى زائد على معناه، لأن التوكيد تكرار محض.
وقد احتج القتبي على القائلين من المعتزلة بأن تكليم الله لموسى - عليه السلام - مجاز، بقوله: (وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا) ، فأكد الفعل بالمصدر، ولا يصح المجاز مع التوكيد.
فذاكرت بقوله هذا شيخنا أبا الحسين - رحمه الله تعالى - فقال: هذا حسن
لولا أن سيبويه قد أجاز في مثل هذا أن يكون مفعولًا مطلقا، وإن لم يكن منعوتا في اللفظ فيحتمل على هذا أن يريد، تكليماً ما، فلا يكون في الآية حجة قاطعة.
والحجاج عليهم كثيرة لا يحتاج معها إلى الاحتجاج بالمحتملات.
وقد سألته عن العامل في المصدر إذا كان توكيداً للفعل، والتوكيد لا يعمل فيه المؤكد إذ هو هو في المعنى، فما العامل فيه؟
فسكت قليلاً ثم قال: ما سألني عنه أحد قبلك!
فأرى أن العامل فيه ما كان يعمل في الفعل قبله لو كان اسماً، لأنه لوكان اسماً كان منصوبا بفعلت المتضمنة فيه.
ثم عرضت كلامه على نفسي وتأملت الكتاب، فإذا هو قد ذهل عما لوح إليه