للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الواحد؟

قلنا: الفعل يدل على فاعل مطلق، ولا يدل على تثنيته ولا على جمعه.

لأن التثنية والجمع معنى يطرأ على الإفراد، والإفراد هو الأصل، ففعل الواحد مستغن عن ظهور علامة الإضمار بعلم السامع أن له فاعلًا، وليس كذلك في الثثنية والجمع، لأن السامع لا يعلم أن الفاعل مثنى ولا مجموع إلا بدليل.

فإن قيل: فضمير الفاعل المستتر في الفعل كيف يصح استتاره فيه، والفعل

كلمة مؤتلفة من حروف، والحروف أعراض في اللسان أجزاء من الصوت، لا يستتر فيها شيء ولا يظهر إذ ليست بجسم؟.

فالجواب: أن أكثر ألفاظ النحويين محمولة على التجاوز والتسامح، لا على

الحقيقة، لأن مقصدهم التقريب على المبتدئين والتعليم للناشئين.

وتحقيق القول أن الفاعل مضمر في نفس المتكلم، ولفظ الفعل متضمن له

دال عليه، واستغني عن إظهاره لتقدم ذكره، وعبرنا عنه بمضمر - ولم نعبر عنه بمحذوف، كما قلنا في المضمر المفعول العائد على الاسم الموصول - لأن المضمر هنا قد لفظ به في النطق، ثم حذف تخفيفاً، نحو قولنا:

" الذي رأيته، والذي رأيت ".

ويجوز حذفه في التثنية والجمع، فلما كان ملفوظاً به ثم قطع من اللفظ

تخفيفاً، عبر عنه بالحذف، وليس كذلك ضمير المرفوع، لأنه لم ينطق به ثم حذف.

ولكنه مضمر في النية مخفي في الخلد، والإضمار هو الإخفاء، والحذف هو القطع من الشيء، فهذا فرق ما بينهما، وهو واضح لا خفاء به، ولا غبار عليه.

* * *

مسألة

(من إلحاق علامة التأنيث بالفعل)

قد تلحق العلامة الفعل للتثنية والجمع قبل ذكر الفاعلين، فليست حينئذ

بضمير، إذ لم يتقدم مذكور يعود، ولكنها حروف لحقت علامة للتثنية والجمع، حرصاً على البيان وتوكيداً للمعنى، إذ كانوا يسمون بالجمع والتثنية نحو: فلسطين، وقنسرين، وكذلك: سلمان، وحمدان، يشبه لفظه لفظ التثنية في الرفع،

<<  <   >  >>