للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

اللفظ، لأنه بمنزلة الواحد في أن إعرابه كإعرابه، ومجراه في كثير من الكلام مجرى اسم الجنس.

فإن كان الجمع مسلماً فلا بد من التذكير لسلامة لفظ الواحد، فلا تقول:

قالت الكافرون، لأن اللفظ بحاله لم يتغير بطروء الجمع عليه.

فإن قلت: فلم لا تقول: " الأعراب قال ":، و " الجمال ذهب ".

كما يجوز ذلك في حال تقديم الفعل؟.

قلنا: ثبوت " التاء " إنما كان مراعاة لمعنى الجماعة، فإن أردت ذلك المعنى

أثبت " التاء " وإن تأخر الفعل لم يجز حذفه لاتصال الضمير، وإن (لم) ترد معنى

الجماعة حذفت " التاء " إذا تقدم الفعل، ولم يحتج إليها إذا تأخر لأن ضمير

الفاعلين جماعة في المعنى وليس بجمع، لأن الجمع مصدر: " جمعت أجمع "

فمن قال: إن التذكير في " ذهب الرجال " و " قام الهندات " مراعاة لمعنى الجمع، فقد أخطأ.

وأما حذف التاء من (قال نسوة) فلأنه اسم جمع بمنزلة رهط ونفر، ولولا أن فيه هاء التأنيث لقبحت " التاء " في فعله.

ولكنه قد بجوز أن يقال: " قالت نسوة "

كما تقول: " قال فتية وصبية ".

فإن قلت: " النسوة " - بالألف واللام - كان دخول " التاء " في الفعل أحسن من تركها، كما كان ذلك في (قالت الأعراب) ، لأن الألف واللام للعهد، فكان الاسم قد تقدم ذكره، فأشبهت حال الفعل حاله إذا كان فيه ضمير يعود إلى مذكور، من أجل الألف واللام، فإنها ترد على معهود.

فإن قيل: فإذا استوى ذكر " التاء " وتركها في الفعل المفعول عن الفاعل

المؤنث، فما الحكمة لاختصاصها في الفعل في قصة شعيب، وحذفها في قصة

صالح في قوله: (وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ) ؟.

فالجواب: أن الصيحة في قصة صالح في معنى العذاب والخزي، إذ كانت

<<  <   >  >>