يضاف إليه " بعض " وهو مفعول، إذ كان البعض الآخر مجروراً، كقولك: خلطت القوم بعضهم ببعض، لأن رتبة المفعول ههنا التقديم (على المجرور، كما كانت رتبة الفاعل التقديم) على المفعول، فحق الضمير العائد على الكل أن يتصل بما هو بتقديمه أهم.
وأما المسألة الأخرى، التي يختلف فيها المعنى، فمثل أن يكون قبل الفعل
" إنما " نقول: إنما يأكل زيد الخبز، فحققت ما يتصل ومحقت ما ينفصل. وهذه عبارة أهل سمرقند في " إنما " يقولون: إنها وضعت لتحقيق (المتصل وتمحيق المنفصل، وتلخيص) هذا الكلام أنها نفي وإثبات، فأثبت لزيد أكل الخبز المتصل به في الذكر، ونفيت ما عداه، فمعناه: ما يأكل زيد إلا الخبز.
فإن قدمت المفحول ههنا فقلت: إنما يأكل الخبز زيد، اختلف المعنى.
وانعكس مقصد الكلام، فكأنك قلت: ما يأكل الخبز إلا زيد.
فهذه المسألة تخالف الأربعة الأقسام التي ذكرها النحويون، لأن المعنى في
جميع تلك الأقسام قدمت أو أخرت واحد والمعنى في هذه المسألة مختلف، ألا ترى أن معنى قوله تعالى:(إنما يخشى الله من عباده العلماء) ليس كقولك: إنما يخشى العلماء الله، لأنك إذا أخرت نفيت الخشية من غير العلماء، وإذا قدمت الفاعل نفيت الخشية أن تتعلق بغير الله سبحانه وتعالى.
وهذا واضح لا خفاء به عند التأمل. والله الموفق.
ومما يوضح لك ما ذكروا من النفي والإثبات في " إنما " قول همام:
أدافع عن أعراض قومي وإنما ... يدافع عن أعراضهم أنا أو مثلي