للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأما قوله تعالى: (لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ) .

وقوله تعالى: (لَا يُسْأَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلَا جَانٌّ) .

وقوله: (وَأَنَّا ظَنَنَّا أَنْ لَنْ تَقُولَ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى اللَّهِ كَذِبًا) .

فإن لفظ الجن هاهنا لا يتناول الملائكة بحال، لنزاهتهم عن

العيوب، وأنهم لا يتوهم عليهم الكذب ولا سائر الذنوب.

فلما لم يتناولهم عموم لفظ الجن، لهذه القرينة، بدأ بلفظ الإنس لفضلهم وكمالهم.

وأما تقديم " السماء " على " الأرض " فبالرتبة أيضاً وبالفضل والشرف.

وأما تقديم (الأرض) من قوله تعالى: (وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ)

فبالرتبة، لأنها منتظمة بذكر ما هي أقرب إليه، وهم

المخاطبون بقوله تعالى: (وَلَا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ) .

فاقتضى حسن النظم تقديمها مرتبة في الذكر مع المخاطبين الذين هم أهلها، بخلاف الآية التي في " سبأ "، فإنها منتظمة بقوله تعالى: (عَالِمِ الْغَيْبِ) .

وأما تقديم المال على الولد في كثير من الآي، فلأن الولد بعد وجود المال

نعمة ومسرة، وعند الفقر وسوء الحال هم ومضرة، فهذا من تقديم السبب على المسبب، لأن المال سبب تمام النعمة بالولد.

وأما قوله تعالى: (حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ) .

فتقديم النساء على البنين بالسبب، وتقديم البنين على الأموال بالرتبة.

ومما قدم بالرتبة ذكر بالسمع والعلم من قوله تعالى: (سميع عليم) ، حيث

وقع، فإنه خبر يتضمن التخويف والتهديد، فبدأ بالسمع لتعلقه بما قرب كالأصوات وهمس الحركات، فإن من يسمع حسك وخفي صوتك أقرب إليك - في العادة - ممن يقال لك: إنه يعلم، وإن كان علم الباري - سبحانه - متعلقا بما ظهر وبطن، وواقعاً على ما قرب وشطن، ولكن ذى السميع أوقع في باب التخويف من ذلك العليم.

فهو أولى بالتقديم.

وأما تقديم (الغفور) على (الرحيم) فهو أولى بالطبع، لأن المغفرة سلامة

<<  <   >  >>