للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وتتقدم في أول الكلام إذا قلت: كلكم ذاهب، فصار بمنزلة نفسه وعينه، لأن كل واحد منهما يكون توكيداً وغير توكيد، وإذا أكدت به لم يكن بدٌّ من إضافته إلى ضمير المؤكد حتى يعلم أنه توكيد، وليس كذلك " أجمع " لأنه لا يجيء إلا تابعاً لما قبله، فاكتفى بالاسم الظاهر المؤكد، واستغنى به عن التصريح بضميره كما فعل بـ " سحر " حين أردته ليوم بعينه، فإنه عرف بمعنى الإضافة واستغنى عن التصريح

بالمضاف إليه اتكالاً على ذكر اليوم قبله.

فإن قيل: ولم لم يقدم " أجمع " كما قدم " كل "، فتقول: " قبضت أجمع

مالك؟ "

فالجواب: أن " أجمع " فيه معنى الصفة، لأنه مشتق من جمعت فلم يقع

إلا تابعاً، بخلاف (كل) .

ومن أحكامه أنه لا يثنى ولا يجمع على لفظه، لا تقول: قبضت الدرهمين

أجمعين، ولا يقال في جمعه: أجامع، كما تقول في جمع الأفضل: الأفاضل، ولا جمع كلما تقول في أحمر: حمراً.

أما امتناع التثنية فيه فلأنه وضع لتوكيد الاسم المفرد الذي يتبعض، فلو ثنيته

وقلت: هذا الدرهمان أجمعان، لم يكن في قولك " أجمعان " توكيد لمعنى التثنية، كما يكون في قولك " كلاهما "، لأن التوكيد تكرار لمعنى المؤكد، إِذا قلت

" درهمان ": علم أنهما اثنان، فإذا قلت " كلاهما " أكدت ذلك المعنى، كأنك قلت: " اثناهما ".

ولا يستقيم ذلك في قوله " أجمعان "، لأنه بمنزلة من يقول: " أجمع

وأجمع " كما أن (الزيدان) بمنزلة زيد وزيد، فلم يفدك أجمعان تكرار بمعنى

التثنبة، وإنما أفادك تثنية واحدة، بخلاف (كلاهما) إلا أنه ليس بمنزلة

قولك: (كلًّا) و (كل) ، وكذلك " اثناهما " الذي استغنى عنه بكلاهما لا ينفرد فيقال فيه: اثن واثن، (فإنما هي) تثنية لا تنحل ولا تنفرد، فلم يصلح لمعنى التوكيد تثنية غيرها، فلا ينبغي أن يؤكد معنى التثنية والجمع إلا بما لا واحد له من لفظه، لئلا يكون بمنزلة الأسماء المفردة المعطوفة بعضها على بعض بالواو

<<  <   >  >>