لأن الاسم المعطوف عليه حامل للضمير، فصار بمنزلة الفعل مع
الاسم، ولو كان مصدراً لم يجز، كما تقدم في:
للبس عباءة وتقر عيني
لأن المصدر ليس بحامل للضمير، فلا يجوز العطف عليه إلا بإضمار " أن ".
فإن قيل: فإذا جاز عطف الفعل على الاسم الحامل للضمير، فينبغي أن يجوز
عطف الاسم على الفعل، فيقول:" مررت برجل يقوم وقاعد "؟
قلنا: هذا ممتنع على قبح، والزجاج قد أجازه في (المعاني) قياسا على
الأول، وليس هو مثله، لأنك إذا عطفت الفعل على الاسم المشتق منه رددت الفرع إلى الأصل، لأن الاسم المشتق من الفعل فرع للفعل، فهو متضمن لمعناه، فجاز عطف الفعل عليه.
وإذا عطفت الاسم المشتق على الفعل كنت قد رددت الأصل فرعاً، وصيرت الفعل في المعنى الاسم، وهو فعل محف، وإن كان قد وقع موقع الاسم فلم يقع موقع اسم جامد، وإنما وقع موقع اسم في تأويل فعل، فلم يخرجه ذلك إلى أن يكون في تأويل الاسم. وإنما هو فعل محض فلا يجوز عطف الاسم عليه، لأنك تشرك الاسم مع الفعل في عامل واحد، وإذا قلت:" مررت برجل قائم ويقعد "، ففي يقعد ضمير فاعل، كما في " قائم " ضمير فاعل، فكأنك إنما عطفت جملة على جملة، وتوهمت في " قائم " الفعل المحض من حيث كان مشتفا منه وفرعاً عليه، ولم يمكنك أن تتوهم في " يقوم " الاسم المحض ولا الاسم المشتق أيضا، لأن الفرع يتضمن الأصل ويدل عليه، والأصل لا يدل على الفرع بنفسه، لأنه كالمستغنى عنه.
فافهمه فإني لم أقصد الإطالة إلا لأسد أبواب الاعتراض، وأحمي جنبات الكلام من الطعن عليه، والله الموفق لما يزلف لديه.
وأبين من هذه العبارة أن يقال: عطف الفعل على الاسم في مثل قوله
تعالى:(صَافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ مَا يُمْسِكُهُنَّ)
ونحو:" مررت برجل قائم ويقعد "، لأن
الاسم معتمد على ما قبله، وإذا كان (اسم الفاعل) معتمداً على عمل الفعل،