ومخصوصة بالخير لا تخرج عنه إلى غيره، فقد رجعت كلها إلى معنى واحد، إلا أنها في معنى الدعاء والرحمة صلاة معقولة، أي: انحناء معقول غير محسوس، ثمرته من العبد الدعاء، لأنه لا يقدر على أكثر منه، وثمرته من الله تعالى الإنعام والإحسان.
فلم تختلف الصلاة في معناها، إِنما اختلفت ثمرتها الصادرة عنها.
والصلاة التي هي الركوع والسجود انحناء محسوس، فلم يختلف المعنى فيها
إلا من جهة المعقول والمحسوس، وليس ذلك باختلاف في الحقيقة، ولذلك تعدت كلها بعلى، واتفقت في اللفظ المشتق من الصلاة، ولم يجز
" صليت على العدو " أي: دعوت عليه، فقد صار معنى الصلاة أرق وأبلغ من معنى الرحمة، وإن كان راجعا إليه، إذ ليس كل راحم ينحني على المرحوم ولا ينعطف عليه من شدة الرحمة.
فهذا غاية الكشف عن المسألة، فلا يزهدنك فيها طول العبارة، فقد يدرك
هذا المعنى بأدنى إشارة، ولكنها لما كانت مسألة لم يوجد لأحد فيها كلام يوصل إلى التحقيق، أطلنا الكلام رغبة في البيان وحرصا على الإفهام، والله ولي التوفيق.
وهذه النكتة يجب (من) الاعتناء بها ما لا يجب لغيرها، لكثرة دورها على
الألسنة، وأنه لا يتم الإيمان ولا (يكمل) الدين لمن لا يصلي على نبيه - صلى الله عليه وسلم - ولا يكون مصلياً عليه في الحقيقة إِلا من فهم الصلاة عليه - صلى الله عليه وسلم -.