للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

على فعل باطن من أفعال النفس والقلب، آثار هذا الفعل الظاهر، وصار ذلك الفعل الباطن عاملاً في المصدر الذي هو المفعول من أجله في الحقيقة، والفعل الظاهر دال عليه، ولذلك لا يكون المفعول من أجله منصوباً حتى يجتمع فيه ثلاثة شروط:

الأول: أن يكون مصدراً.

والثاني: أن لا يكون من أفعال الجوارح الظاهرة.

والثالث: أن يكون من فعل الفاعل المتقدم ذكره.

نحو: " جاء زيد خوفاً "، و " رغبة فيك "، فإن الخوف والرغبة من أفعال النفس الباطنة وهو من فعل الفاعل المذكور في الجملة.

فلو قلت: " جاء زيد قراءة للعلم "

أو: " قتلاً للكافر " - لم يجز أن يجعل ذلك مفعولاً من أجله، لأنها أفعال ظاهرة، فقد بانَ لك أن المجيء إنما يظهر ما كان باطناً خفيا حتى كأنك قلت: جاء زيد مظهر بمجيئه الخوف والرغبة أو الحرص وأشباه ذلك.

فهذه الأفعال الظاهرة تبدي لك الباطنة، فهي مفعولات في المعنى والظاهرة دالة على ما ينصبها فإن جئت بمفعول من أجله من غير هذا القبيل الذي ذكرنا، لم يصل الفعل إليه إلا بحرف نحو: " جئت لكذا "

أو: " من أجل كذا "، والله أعلم.

ثم نرجع إلى الحال فنقول: إذا كانت صفة لازمة للاسم كان حملها عليه على

جهة النعت أولى بها، وإذا كانت مساوية للفعل غير لازمة للاسم إلا في وقت الإخبار عنه بالفعل، صلح أن تكون حالاً، لأنها مشتقة من التحول، فلا تكون إلا صفة يتحول عنها، وكذلك لا تكون إلا مشتقة من فعل، لأن الفعل حركة غير ثابتة.

وقد تجيء غير مشتقة ولكنها في المعنى كالمشتق، نحو قوله - صلى الله عليه وسلم -:

يتمثل لي الملك رجلاً ".

أي: يتحول عن حال إلى حال، ويرجع متصوراً في صورة الرجال.

فصار قولك: " رجلأ " كقولك: متصوراً على هذه الصورة، ومتحولاً إلى

هذه الحال ".

وأما قولهم: جاء زيد رجلاً صالحاً، فالصلة وطأت الاسم للحال.

ولولا " صالحاً " ما كان " رجلاً " حالًا.

<<  <   >  >>