للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بظهور أثره فيه تعلقه بها ودخوله عليها، كما فعلوا في " إنَّ " وأخواتها حيث

كانت كلمات من ثلاثة أحرف فصاعداً يجوز الوقف على كل واحدة منهن.

تقول: إنه، وليته، ولعله، فأعملوها في الجملة إظهاراً لتشبثهن بالحديث

الواقع بعدهن.

وسيأتي بيان ذلك - إن شاء الله تعالى - بأكثر من هذا.

نعم وربما أرادوا توكيد تعلق الحرف بالجملة إذا كان الحرف مؤلفاً من حرفين، نحو " هل "، فربما يوهم الوقف عليه، أو خيف ذهول السامع عنه فادخل في الجملة حرف زائد ينبه السامع عليه، وقام ذلك الحرف مقام العمل، نحو قولك: هل زيد بقائم وما زيد بقائم، فإذا سمع المخاطب " الباء " وهي لا تدخل في الوجوب، تأكد عنده ذكر النفي

والاستفهام وأن الجملة غيو منفصلة عنه، ولذلك أعمل أهل الحجاز " ما " النافية تأكيداً لتشبثها بالجملة.

ومن العرب من اكتفى في التأكيد بإدخال الباء ورآها نائبة (في الثأثير) عن

العمل الذي هو النصب.

وإنما اختلفوا في " ما " ولم يختلفوا في " هل "، لمشاركة " ما " لـ ليس في

النفي، فحين أرادوا أن يكون لها أثر في الجملة (يؤكد) تشبثها بها جعلوا ذلك

الأثر كأثر (ليس) وهو النصب، والعمل في باب " ليس " أقوى، لأنها كلمة كليت و " لعل " و " كان "، والوهم إلى انفصال الجملة عنها أسرع منه إلى توهم انفصال الجملة عن " ما " و " هل " فلم يكن بد من إعمال " ليس "، وإبطال معنى الابتداء السابق.

ولذلك إذا قلت: ما زيد إلا قائم، لم يعملها أحد منهم، لأنه لا يتوهم

انقطع " زيد " عن " ما " لأن " إلا " لا يكون إيجاباً إلا بعد نفي، فلم يتوهم انفصال الجملة عن " ما "، وكذلك لم يعملوها عند تقدم الخبر نحو: " ما قائم زيد " لأنه ليس من رتبة النكرة أن يكون مبدوءاً بها مخبراً عنها إلا مع الاعتماد على ما قبلها، فلم يتوهم المخاطب انقطاع الجملة عن " ما " قبلها لهذا السبب، فلم يحتج إلى إعمالها وإظهار أثرها، وبقي الحديث كما كان قبل دخولها، مستغنياً عن تأثيرها فيه.

وأما حرف " لا " فإنه إن كان عاطفاً فحكمه حكم حروف العطف، وليس من

حروف العطف شيء عامل، وإن لم يكن " لا " حرف عطف نحو: " لا زيد قائم ولا عمرو "، فلا حاجة إلى إعمالها في الجملة لأنه " لا " يتوهم انفصال الجملة بقوله

<<  <   >  >>