للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والذي يكشف لك قناع المعنى ويهجم بك على الغرض إن كانت الزمانية

عبارة عن زمان ماض، فلا تكون علة لحادث، ولا تتعدى إلى المفعول من أجله، ولا إلى الحال وظرف المكان، وفي تعديها إلى ظرف الزمان نظر، فهذا الذي منعها من أن تقع قبل لام العلة، أو يقع بعدها المجرور أو الظرف.

وأما الفرق الخامس بين اللامين فهو: أن الفعل بعد " لام " الجحود لا يكون

فاعله إلا عائداً على اسم " كان " لأن " اللام " وما بعدها في موضع الخبر عنه، فلا تقول: ما كان زيد ليذهب عمرو، كما تقول: جاء زيد ليذهب عمرو، أو: لتذهب أنت ولكن تقول: ما كان ليذهب وما كنت لأفعل.

والفرق السادس: جواز إظهار " أن " بعد " لام " كي، ولا يجوز إظهارها بعد

" لام " الجحود، لأنها جرت في كلامهم نفياً للفعل المستقبل بالسين أو سوف، وصارت لام الجحود بإزائها، فلم يظهر بعدها ما لا يكون بعدهما.

وفي هذه النكتة مطلع على فوائد من كتاب الله - عز وجل -، ومرقاة إلى تدبره، كقوله نعالى: (وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ) ، فجاء بلام الجحود. حيث كان نفياً لأمر متوقع، وسبب مخوف في المستقبل.

ثم قال تعالى: (وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ) .

فجاء باسم الفاعل الذي لا يختص بزمان حيث أراد نفي وقوع العذاب بالمستغفرين على العموم في الأحوال، لا يخص مضياً من استقبال.

ومثله: (وَمَا كَانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى) .

ثم قال عز وجل: (وَمَا كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرَى) ، فالحَظْ هذه الآية من مطلع الأخرى تجدها كذلك في المعنى، والله المستعان.

<<  <   >  >>