١٤٥٢ - وَإِن سلكنا طَرِيق تصور الِاتِّفَاق مِنْهُم، وجعلناهم فِي ذَلِك بعض الْأمة، وَإِن كَانَ " لَو " حدثت حَادِثَة، لم يقل فِيهَا الْأَولونَ شَيْئا، وَاتَّفَقُوا فِيهَا على حكم، كَانَ ذَلِك حجَّة مَقْطُوعًا بهَا، لأَنهم فِيهَا كل الْأمة، وَلم يسْبقُوا فِيهَا بقول وَمذهب، فيلزمنا أَن نقُول على هَذِه الطَّرِيقَة: إِذا رفضوا أحد الْقَوْلَيْنِ فَيكون ذَلِك تعرضاً مِنْهُم لخرق الْإِجْمَاع، وَلَا يجوز لَهُم ذَلِك أصلا.
وَالَّذِي أوثره لَك، التَّمَسُّك بالطريقة الأولى، وَهُوَ: أَنه لَا يتَصَوَّر مِنْهُم الِاتِّفَاق على أحد الْقَوْلَيْنِ، ورفض القَوْل الثَّانِي.
١٤٥٣ - فَإِن قيل: بِمَ تنكرون على من يزْعم: أَن أهل الْعَصْر الأول مَا اتَّفقُوا على الحكم، وَإِنَّمَا اخْتلفُوا، فَلَا سَبِيل إِلَى استنباط وفَاق من خلاف؟
قُلْنَا: قد قَررنَا الْإِجْمَاع، إِذْ قُلْنَا: فِي تَصْوِير الِاخْتِلَاف " إِجْمَاعًا " على تسويغ الْأَخْذ بِأَيّ الْقَوْلَيْنِ اتّفق فِي حق الْعَوام، مَعَ تَسَاوِي صِفَات الْمُجْتَهدين. وَهَذَا إِجْمَاع لَا خَفَاء بِهِ.