(شُبْهَة أُخْرَى لَهُم)
١٦٠٦ - فَإِن قَالُوا: عِلّة الأَصْل لَا تثبت عِنْد القائسين بِمُجَرَّد الدَّعْوَى، وَلَا بُد من إِقَامَة الدّلَالَة عَلَيْهَا، فَمَا وَجه نصب الْأَدِلَّة عَلَيْهَا؟
قُلْنَا: هَذَا الْآن تعرض مِنْكُم للْكَلَام فِي تَفْصِيل الْقيَاس مَعَ إنكاركم لأصله وَهَذَا مَا لَا سَبِيل إِلَيْهِ، فَاعْتَرفُوا بِالْأَصْلِ وسائلونا بعده عَن التفاصيل، وسنقرر الطّرق الَّتِي تثبت الْعِلَل إِن شَاءَ الله تَعَالَى.
١٦٠٧ - فَإِن قَالُوا: إِذا علقتم الحكم بِوَصْف من أَوْصَاف الأَصْل وقدرتموه عِلّة، فَمَا قَوْلكُم فِيهِ إِذا اسْتَوَى وصفان من أَوْصَاف الأَصْل، فجوز الْمُجْتَهد أَن يكون كل وَاحِد مِنْهُمَا عِلّة، وَكَانَ الْمَقْصد " مُخْتَلفا " وَلم يتَرَجَّح أَحدهمَا على الثَّانِي فَكيف يفعل الْمُجْتَهد؟
وَكَذَلِكَ الْفَرْع الْوَاحِد إِذا تجاذبه أصلان، واستوت أشباهه من كل وَاحِد مِنْهُمَا فَهَذَا يُؤَدِّي إِلَى إِيجَاب، من حَيْثُ يجتذبه أصل الْإِيجَاب. وَإِلَى إِبَاحَته من حَيْثُ يجتذبه أصل الْإِبَاحَة. وَذَلِكَ محَال. فَإِذا كَانَ القَوْل بِالْقِيَاسِ يُفْضِي إِلَى هَذَا الْمحَال فَيجب سد بَابه.
وَالْجَوَاب عَن هَذَا من وَجْهَيْن.
أَحدهمَا: أَن نقُول: ذهب بعض القائسين إِلَى أَن مَا ذكرتموه لَا يتَصَوَّر. وَمِنْهَا تجاذب الْفَرْع الْوَاحِد أصلان، فَلَا بُد أَن يتَرَجَّح أَحدهمَا وَلَا يسوغ استواؤهما فِي حكم الْمُجْتَهدين من كل وَجه. فَإِذا سلكنا هَذِه الطَّرِيقَة، فقد بَطل مَا قَالُوهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute