فَكيف يتَحَقَّق للْوَاحِد الطّواف على كَافَّة الْعلمَاء، وَأخذ أَقْوَالهم متفقة فِي مَسْأَلَة وَاحِدَة؟ وَإِن " تصور " ذَلِك " فَمَا " يومن وَأَن لم ينْتَه إِلَى الثَّانِي إِلَّا رَجَعَ الأول عَن قَوْله؟ وَإِذا لم يتَصَوَّر من هَذَا الْوَجْه، فَلَا يتَصَوَّر أَيْضا نقل. فَإِن طرق النَّقْل تبدأ من الْآحَاد، وَإِذا لم يتَصَوَّر ذَلِك فيهم، لم يتَصَوَّر نَقله أصلا.
قُلْنَا: هَذَا عناد مِنْكُم ومراغمة لما عهد فِي مجاري الْعَادَات ضَرُورَة وبديهة. فَإنَّا نعلم أَنه قد تتواصل الْأَخْبَار على امتداد الْأَعْصَار من أقْصَى الْأَمْصَار والأقطار باتحاد أقاويل الْعلمَاء فِي مَسْأَلَة من الْمسَائِل. وَهَذَا كَمَا أَنه قد تحقق عندنَا اتِّفَاق الْعلمَاء على عدد الصَّلَوَات وركعاتها وسجداتها، إِلَى غير [ذَلِك] من أَحْكَامهَا. والمستريب فِي ذَلِك متعرض لجحد الضَّرُورَة.
وَكَذَلِكَ نعلم قطعا اتِّفَاق النَّصَارَى على التَّثْلِيث وَجحد نبوة مُحَمَّد [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] ،