تلقي الطَّاعَة من الْإِرَادَة. فَإِن الْعَرَب لَا تَقول فِي إِطْلَاقهَا فلَان مُطَاع الْإِرَادَة وَفُلَان أَرَادَ فأطيع فَثَبت حَقِيقَة وَعرفا كَون الطَّاعَة مَأْمُورا بهَا. وَقد تقرر بِاتِّفَاق الْأمة تَسْمِيَة الْمَنْدُوب طَاعَة.
[٢١٣] وَاعْلَم، وفقك الله أَن الدهماء من الْمُعْتَزلَة يوافقون أهل الْحق فِي أَن الْمَنْدُوب مَأْمُور بِهِ، وَلَكِن تخْتَلف الطّرق فِي المأخذ، فمأخذ أهل الْحق مَا سلف، وَمَا يعولون هم عَلَيْهِ فِي تثبيت الْمَنْدُوب طَاعَة كَونه مرَادا للْآمِر فَهَذَا يطرد على أصلهم فِي الطَّاعَات، وينعكس فِي الْمَحْظُورَات والمباحات. والخوض فِي ذَلِك يشغلنا عَن الْمَقْصد فَالْأولى إحالته على الديانَات.
(٦٤) القَوْل فِي استقصاء الْمذَاهب فِي مُقْتَضى الْأَمر ووجوه الرَّد على غير مَا نرتضيه مِنْهَا
[٢١٤] قد قدمنَا من مَذَاهِب أهل الْحق أَن الْأَمر الْحَقِيقِيّ معنى قَائِم بِالنَّفسِ وَحَقِيقَته اقْتِضَاء الطَّاعَة على مَا قدمْنَاهُ ثمَّ ذَلِك يَنْقَسِم إِلَى ندب وَوُجُوب لتحَقّق الِاقْتِضَاء فيهمَا.
وَأما الْعبارَة الدَّالَّة على الْمَعْنى الْقَائِم بِالنَّفسِ نَحْو قَول الْقَائِل: ((افْعَل)) فمترددة بَين الدّلَالَة على الْوُجُوب وَالنَّدْب وَالْإِبَاحَة والتهديد. فَيتَوَقَّف فِيهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute