يدْخل تَحت الْمَقْدُور، وَالَّذِي يُوضح ذَلِك أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَو فعل فعلا فِي تغيم السَّمَاء أَو إصحائها، أَو فعل وَزيد قَائِم، فَلَا يتخصص الجري على مُقْتَضى الْفِعْل بِمَا قَارن فعل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من الْأَسْبَاب وفَاقا، فَإِن أَشْيَاء مِمَّا أومأنا إِلَيْهِ لَا تدخل تَحت قبيل المقدورات.
[٩٢٠] ثمَّ نقُول للقائل بتخصيص الْأَزْمِنَة هَذَا الَّذِي ذكرته تنَاقض فَإِنَّهُ لَا يتَحَقَّق العثور على الْمَقْصُود من الْفِعْل لَا بعد الْفَرَاغ مِنْهُ فقد انْقَضى وقته الْمُقَارن لَهُ / فَكيف يتَحَقَّق وُقُوع الِامْتِثَال فِي وَقت الْفِعْل، فَإِن قيل: فِي مثل [١٠٣ / ب] ذَلِك الْوَقْت، قُلْنَا: فَقولُوا يُوقع الْفِعْل فِي مثل ذَلِك الْمَكَان على أَن الْأَوْقَات كلهَا تؤول إِلَى حركات الْفلك، وَهِي مُخْتَلفَة لَا يتَحَقَّق التَّمَاثُل فِيهَا، وَإِن تحقق لَا يَتَقَرَّر التَّمَكُّن من تمكن تماثلها، فَبَطل مَا قَالُوهُ من كل وَجه.
(١٦٦) فصل
[٩٢١] اعْلَم أَنه يجب على الرَّسُول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تَبْيِين مَا يتَعَلَّق بِأَحْكَام الشَّرَائِع وَلَا يجوز لَهُ الْإِخْلَال بِمَا كلف من الْبَيَان، وكما يجب عَلَيْهِ تَبْيِين الْوَاجِبَات والمفترضات فَكَذَلِك يجب تَبْيِين الْمُبَاحَات والمندوبات، والمحظورات، وتمهيد السَّبِيل إِلَى دَرك أَحْكَام الوقائع الَّتِي لَا تنضبط بِنصب الأمارات، والتفسح للمكلفين فِي طرق الِاعْتِبَار.
[٩٢٢] وَقد نقل بعض الْمُتَكَلِّمين أَنه قَالَ: مَا كَانَ وَاجِبا وَجب على الرَّسُول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَيَانه، وَمَا كَانَ مَنْدُوبًا كَانَ بَيَانه فِي حق الرَّسُول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَنْدُوبًا، وَمَا كَانَ مُبَاحا كَانَ بَيَانه مُبَاحا.