الْمُحَقِّقين وَذهب شرذمة من المنتمين إِلَى الْأُصُول إِلَى أَن الْفِعْل الْوَاقِع موقع الْبَيَان يتخصص بِالْمَكَانِ وَلَا يتخصص بِالزَّمَانِ. وَأبْعد بَعضهم فَقَالَ: يتخصص بِالزَّمَانِ ايضا فَيُقَال لهَؤُلَاء لَا خلاف أَن القَوْل الصَّادِر عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم المتضمن تَبْيِين الحكم لَا يَقْتَضِي تَخْصِيص الِامْتِثَال بِالْمَكَانِ الَّذِي صدر القَوْل فِيهِ عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَإِذا وَقع الْفِعْل موقع الْبَيَان فِي تَحْقِيق نسخ أَو تَخْصِيص، اَوْ جَوَاب سُؤال، وَهُوَ فِي الإنباء عَن الحكم نَازل منزلَة القَوْل.
[٩١٨] فَإِن قيل: الْفِعْل متخصص بِالْمَكَانِ؟
قُلْنَا: فَيلْزم مثل ذَلِك فِي القَوْل، على أَنا لَو رددنا إِلَى نفس الْفِعْل لما فهمنا مِنْهُ اقْتِضَاء حكم وَإِنَّمَا الْمُقْتَضى للْحكم وُقُوعه على وَجه الْبَيَان، وَهُوَ مِمَّا لَا ينعَت بالتخصيص بِالْمَكَانِ، وَالَّذِي يُوضح مَا قُلْنَاهُ إِنَّا نعلم اضطررا أَن من قَالَ لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَين لي التوضىء فَتَوَضَّأ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَلَا يعقل السَّائِل أَن يُوقع الْوضُوء فِي الْمَكَان الَّذِي تَوَضَّأ فِيهِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَمن أنكر ذَلِك فِي التخاطب ومجاري كَلَام الْبَيَان قطع الْكَلَام عَنهُ.
[٩١٩] ثمَّ نقُول: الْأَمَاكِن والأزمان مِمَّا لَا يدْخل تَحت مقدورات الْمُكَلّفين، وَإِذا ورد فعل وَاقع موقع الْبَيَان مُطلقًا فَيحمل على اقْتِضَاء مَا