للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

(٩٧) فصل

[٤٧٢] اعْلَم أَن الْأَمر يتَقَدَّم على وجود الْمَأْمُور بِهِ بِمَا لَا نِهَايَة لَهُ فَإِنَّهُ وَاجِب الْقدَم، وَأما الْأَمر الصَّادِر منا فَهُوَ مِمَّا يَسْتَحِيل بَقَاؤُهُ فَإِذا تقدم أمرنَا على الْمَأْمُور بِهِ ثمَّ يعقبه الْمَأْمُور بِهِ فِي الْحَالة الثَّانِيَة، فَالْأَمْر الأول لَا يبْقى إِلَى الْحَالة الثَّانِيَة، فَإِن تحقق أَمر مُقَارن لَهُ فَهُوَ أَمر آخر متماثل للْأولِ، وَلَا يتَصَوَّر إِعَادَة الْأَمر الأول فِي الْحَالة الثَّانِيَة، فَإِنَّهَا حَالَة عَدمه، وَإِنَّمَا يتَصَوَّر الْإِعَادَة عِنْد تَقْدِير ثَلَاثَة أَحْوَال يُوجد الشَّيْء فِي الْحَالة الأولى، ويعدم فِي الْحَالة الثَّانِيَة، ويعاد فِي الثَّالِثَة، وَإِن تقدم أمرنَا بِالْفِعْلِ وَعدم، ثمَّ تحقق الْمَأْمُور بِهِ وَلم يقارنه أَمر آخر مُجَدد فَالْأَمْر الَّذِي سبق هَل يُقَال إِنَّه كَانَ أمرا فِي وجوده وَهُوَ مُتَعَلق بالمأمور فِي حُدُوثه؟ هَذَا مِمَّا اخْتلف فِيهِ أَصْحَابنَا فَذهب بَعضهم إِلَى أَن ذَلِك الْأَمر بِعَيْنِه وَإِن عدم مُتَعَلق لهَذَا بالمأمور بِهِ إِذا حدث، وَهَذَا الْقَائِل يَقُول: إِذا جَازَ تعلق الْأَمر بالمعدوم جَازَ تعلق الْأَمر بِهِ وَمَا عدم بالحادث.

وَهَذَا بَاطِل لَا تَحْقِيق وَرَاءه فيستحيل كَون الْفِعْل مَأْمُورا بِهِ مَعَ انْتِفَاء الْأَمر، وَالْأَمر مَعْدُوم فِي الْحَالة الثَّانِيَة فَإِن أردنَا أَن [نتصور] كَون الْفِعْل مَأْمُورا على التَّحْقِيق فِي حَال حُدُوثه فلابد أَن يتَصَوَّر أَمر مُقَارن لَهُ وَلَيْسَ [٥٧ / أ] ذَلِك كالأمر الْمُتَعَلّق بالمعدوم، فَإِنَّهُ أَمر على / شَرط الْوُجُود ويستحيل أَن يُقَال: إِن الْأَمر الَّذِي عدم أَمر بعد عَدمه على شَرط وجوده، فتفهم ذَلِك، وافصل بَين الْبَابَيْنِ، وسنشبع القَوْل فِي أَمر الْمَعْدُوم إِن شَاءَ الله.

<<  <  ج: ص:  >  >>