الْإِجْمَاع إِنَّمَا يكون حجَّة بعد وَفَاة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على مَا سَنذكرُهُ فِي مسَائِل الْإِجْمَاع وَلَا ايتصور بعد أَن اسْتَأْثر الله برَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن ينْسَخ شَيْئا أَو ينْسَخ شَيْء، فَإِن الشَّرْع اسْتَقر بوفاته صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلَو قَدرنَا الْإِجْمَاع حجَّة فِي زمن الرَّسُول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ أجمع الْعلمَاء على حكم يُخَالف النَّص فَالْوَجْه فِيهِ أَن نقُول تقرر الْإِجْمَاع أَن لَا يجمع الْعلمَاء على حكم إِلَّا عَن دَلِيل، وَلَا يُوجد مِنْهُم الِاتِّفَاق شهيا من غير حجَّة، فَلَا يكون نفس قَوْلهم إذاناسخا، وَلَكِن يجوز أَن يُقَال مَا أَجمعُوا عَلَيْهِ ولسببه دَلِيل فَيجوز النّسخ بِهِ عقلا وإجماعهم ينبىء عَنهُ وَهَذَا تكلّف منا وَفرض الْكَلَام فِي صُورَة مِنْهُ غير ثَابِتَة وَهِي كَون الْإِجْمَاع حجَّة فِي عصر الرَّسُول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
(٢٣٦) فصل
[١٣٠٧] لَا يجوز النّسخ بقول الصَّحَابِيّ وَهَذَا ينبىء على أصل سَيَأْتِي إِن شَاءَ الله تَعَالَى، وَهُوَ أَن قَوْله لَيْسَ بِحجَّة، وَقَوله كَقَوْل التَّابِعِيّ وكقول آحَاد الْعلمَاء فِي الْأَعْصَار.
[١٣٠٨] فَإِن قَالَ قَائِل: فَلَو قَالَ الصَّحَابِيّ: نسخ الحكم الْفُلَانِيّ، فَهَل يثبت بذلك النّسخ؟
قُلْنَا: هَذَا موقع اخْتِلَاف الْعلمَاء فَذهب بَعضهم إِلَى أَن النّسخ يثبت بذلك رِوَايَة ونقلان فَإنَّا نحمل مَا يَنْقُلهُ الصَّحَابِيّ على الصِّحَّة والسداد، فحملنا لذَلِك قَوْله: نسخ الحكم على الْحَقِيقَة.