من بعض الصَّحَابَة، ثمَّ إِذا اشترطنا انْقِرَاض التَّابِعين مَعَ الصَّحَابَة، فَلَا يتَّفق انقراضهم - فِي مجْرى الْعَادة - إِلَّا بعد أَن يلحقهم أَقوام من أهل الْعَصْر الثَّالِث. فتتلاحق الْأَعْصَار وتتداخل، وَلَا يسلم الْإِجْمَاع قطّ، وَذَلِكَ يسبب إِلَى نفي الْإِجْمَاع.
١٤٣٦ - وَمِمَّا اسْتدلَّ بِهِ القَاضِي رَضِي الله عَنهُ، أَن قَالَ: أجمع الْمُسلمُونَ على أَن مَا أَجمعت عَلَيْهِ الْأمة حق! وَهَذَا الْمَعْنى يتَحَقَّق قبل الانقراض.
وَهَذَا فِيهِ نظر.
وللخصم أَن يَقُول: لسنا نوافقكم على مَا ادعيتموه من الْإِجْمَاع. فَإنَّا نقُول: مَا اتّفقت عَلَيْهِ الْأمة لَا تقوم بِهِ الْحجَّة حَتَّى ينقرضوا على اتِّفَاقهم. فَلم ادعيتم الْإِجْمَاع مُطلقًا؟
وَالْأولَى: التعويل على الطَّرِيقَة الأولى، الَّتِي صدرنا الْأَدِلَّة بهَا.
(شُبْهَة الْمُخَالفين)
١٤٣٧ - فمما استدلوا بِهِ، أَن قَالُوا: إِذا اتّفقت آراء أهل الْأَعْصَار على شَيْء اجْتِهَادًا وتحرياً، فَكل مِنْهُم مَا قَالَ، إِلَّا وَهُوَ مُجْتَهد، غير قَاطع بِاجْتِهَادِهِ. فَلَو لم يتَصَوَّر لَهُم الرُّجُوع أصلا، أدّى ذَلِك إِلَى أَن يستد عَلَيْهِم طَرِيق التَّحَرِّي. فَلَزِمَ أَن نقُول: لَو انْفَرد الْمَرْء بِالِاجْتِهَادِ، لم يسغْ لَهُ الرُّجُوع
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute