فَإِنَّهُم وافقوا الْيَهُود فِي أصل التَّعْدِيل والتجوير وَبِنَاء التَّكْلِيف / على \ الْمصَالح. ٣ [١٢٠٨] فَإِن قَالُوا فَمَا وَجه حسن النّسخ عنْدكُمْ. قُلْنَا إِن طلبتم منا إِيضَاح وَجه فِي الْمصلحَة الْمُتَعَلّقَة بالنسخ فقد رمتم منا فرعا لَا نقُول بِأَصْلِهِ، فَإنَّا نجوز أَن لَا تكون لِلْعِبَادَةِ مصلحَة فِي إِثْبَات الشَّرَائِع ونسخها، على أَن النّسخ وَالْإِثْبَات، والتحسين والتقبيح، والايجاب وَالتَّحْرِيم، كلهَا يؤول إِلَى كَلَام الرب تَعَالَى، وَكَلَامه مَوْصُوف بالقدم على أصُول أهل الْحق، وَمَا اتّصف بالقدم اسْتَحَالَ وَصفه بالْحسنِ والقبح من الصِّفَات المعتورة على الْحَوَادِث، على أَنا نقُول: لَو خضنا مَعكُمْ فِي فَاسد أصلكم فِي القَوْل بالصلاح وَوُجُوب تضمن التَّكْلِيف لَهُ، فقد يكون فِي رفع الحكم بعد ثُبُوته أعظم الْمصلحَة للعباد بِأَن يعلم سُبْحَانَهُ أَنه إِذا أَمرهم بِأَمْر ابتدروا إِلَى الْعَزْم وتوطين النَّفس على امتثاله وَلَو بَقِي عَلَيْهِم الحكم لامتنعوا وانفضوا وطغوا واستوجبوا عِقَابه، فيأمرهم ليعزموا على الِامْتِثَال وَلَو أمروا على الْعَزْم ثمَّ ينْسَخ عَنْهُم مَا اثْبتْ عَلَيْهِم من الحكم حَتَّى لَا يستوجبوا نقمته بالامتناع عَن الِامْتِثَال، وَهَذَا وَاضح فِي طلب الْمصلحَة على مُقْتَضى أصولكم مَعَ أَنه تجَاوز منا لأصلنا.
(٢٢٠) فصل
[١٢٠٩] فَإِن قَالَ قَائِل قد ذكرْتُمْ الْفرق بَين النّسخ والبداء فَمَا الْفرق بَين النّسخ والتخصيص؟ قُلْنَا يتَحَقَّق الْفَصْل بَينهمَا بِذكر حَقِيقَتهَا، وَقد سبق
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute