قُلْنَا: هَذَا من أعظم الْكَلَام فَأول مَا يلْزم عَلَيْهِ الشَّهَادَات فِي صُورَة الِاتِّفَاق وَكَذَلِكَ حَال الْمُفْتِي فِي ورعه، ثمَّ نقُول: رُبمَا يبلغ ويقارف أول بُلُوغه مَعْصِيّة فَلم أدعيتم بَرَاءَته عِنْد بُلُوغه؟ ثمَّ نقُول: هَذَا الَّذِي ذكرتموه ينعكس عَلَيْكُم فِيمَا لَا مدفع لَهُ فَإنَّا نقُول: ألستم قُلْتُمْ أَن انْتِفَاء الْمعْصِيَة فِي بَدْء الْأَمر مستيقن ثمَّ إِذا استصحبنا الْحَال لم يدم لنا الْيَقِين فِي ذَلِك، فَكَمَا لَا يَقْتَضِي الِاسْتِصْحَاب دوَام الْيَقِين فَكَذَلِك مَا نَحن فِيهِ، وسنتكلم فِي الِاسْتِصْحَاب بأوضح وَجه إِن شَاءَ الله تَعَالَى.
[١٠٦٠] فَإِن قَالُوا: فَإِن أخبرنَا مخبر عَن نَجَاسَة مَاء أَو طَهَارَته فَلَا يشْتَرط أَن يكون على وصف الْعُدُول، فَالْجَوَاب السديد فِي هَذَا وَأَمْثَاله أَن يُقَال: مَا ثَبت فِيهِ إِجْمَاع قُلْنَا فِيهِ من ظَاهر الْعَدَالَة للاتفاق، وَمَا لم يقم فِيهِ إِجْمَاع لم نعمل بِهِ حَتَّى تكون دلَالَة قَاطِعَة، فَمَا اسْتشْهدُوا بِهِ مِمَّا لايدعى الْإِجْمَاع فِيهِ.
فَإِن قُلْنَا: لَا يشْتَرط فِيهِ الْعَدَالَة لم يبعد، هَذَا مَا قَالَ القَاضِي رَضِي الله عَنهُ.
[١٠٦١] وَمِمَّا يشْتَرط فِي الشَّهَادَة والراوي أَن لَا يكون مغفلا، فانه وَإِن استجمع جملَة مَا قدمْنَاهُ من الْأَوْصَاف فَإِذا غلب عَلَيْهِ النسْيَان والغفلة فَلَا نَأْمَن تحريفه كَمَا لَا نَأْمَن اجتراء الْفَاسِق على تعمد الْكَذِب.
(١٨٥) فصل
[١٠٦٢] قد قدمنَا فِيمَا سبق رِوَايَة الصَّبِي لَا تصح، وَيصِح تحمله،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute