وَهَذَا الأَصْل هُوَ الْعُمْدَة فِي نفي المطاعن عَن الصَّحَابَة، فَإِنَّهُ قد تقررت لنا عدالتهم، وكل مَا يوردونه من المطاعن فيهم، أَو فِي بَعضهم لَيْسَ يتحد وَجهه فِي اقْتِضَاء الطعْن فَكَانَ اسْتِصْحَاب الأَصْل أولى من رفضه بِمَا تقَابل فِيهِ الْجَوَاز.
(٢٠١) فصل
[١١١٤] فَإِن قَالَ قَائِل: هَل يجوز للراوي أَن يروي بعض الحَدِيث، وَيتْرك بعضه فَلَا يرويهِ، ثمَّ يرويهِ بعد حِين؟
قُلْنَا: تَفْصِيل القَوْل فِيهِ عندنَا أَن مَا تَركه إِن كَانَ من تَمام مَا نَقله بِأَن يكون مُشْتَمِلًا على مَا هُوَ شَرط فِي مَضْمُون مَا وَرَاءه، فَلَا يجوز لَهُ ترك رِوَايَته اصلا، فَإِن الَّذِي رَوَاهُ لَا يسْتَقلّ دونه، وتمس الْحَاجة إِلَيْهِ، فينسب إِلَى الْإِخْلَال، أَو نقص الْمَنْقُول فِي هَذَا الْحَال.
فَأَما إِذا لم يكن مَا تَركه شَرط مَا قدمه، وَلم يكن مِنْهُ تسبب، بل اسْتَقل كل وَاحِد من الْكَلَامَيْنِ بِنَفسِهِ، فَلهُ رِوَايَة الْبَعْض والإضراب عَن الْبَعْض.