[١١٨٨] إِن شَاءَ الله تَعَالَى، قَالُوا: فَلَو خرج الْمَأْمُور بِهِ عَن كَونه مَأْمُورا بِهِ وَصَارَ مَنْهِيّا عَنهُ أدّى ذَلِك إِلَى أَن يصيرالحسن قبيحا وَلَو قدر الْأَمر على الضِّدّ من ذَلِك أدّى ذَلِك إِلَى أَن يصير الْقَبِيح حسنا إِذا انْقَلب الْمنْهِي عَنهُ مَأْمُورا بِهِ، وَهَذَا يَقْتَضِي ان يصير المُرَاد مَكْرُوها وَالْمَكْرُوه مرَادا وَالطَّاعَة عصيانا والعصيان طَاعَة، وَهَذَا محَال مفضى إِلَى قلب الْأَجْنَاس، فَإِن الْقبْح وَالْحسن من صِفَات الْأَجْنَاس عِنْدهم، وَتَقْدِير مَا يقلب الْأَجْنَاس محَال، فالنسخ على تَقْدِير رفع الْأَمر إِثْبَات فِي مَعْلُوم الله تَعَالَى يُؤذن بقلب الْأَجْنَاس أَو البداء على الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَقُولُونَ، وَهَذَا بِعَيْنِه مَذْهَب الْيَهُود الَّذين يُنكرُونَ النّسخ عقلا.
[١١٨٩] فَإِذا وضح ذَلِك من اصلهم قَالُوا: فالنسخ على التَّحْقِيق لَيْسَ هُوَ رفع لعين مَا ثَبت من الحكم فِي مَعْلُوم الله تَعَالَى، وَلَكِن إِنَّمَا هُوَ تَبْيِين أَن المُرَاد بِالنَّصِّ الأول تثبيت الحكم إِلَى وَقت وُرُود النَّاسِخ، وَأَنه لم يرد بِهِ تثبيت الحكم الأول تثبيت الحكم بِالنَّصِّ على التَّأْبِيد، فِي ابْتِدَاء مورده، فَيكون النّسخ تبيينا لما أُرِيد بِاللَّفْظِ الأول، وَلَا يكون فِي الْحَقِيقَة رَافعا لحكم ثَابت فِي مَعْلُوم الله تَعَالَى، وَلذَلِك قيدوا حَدهمْ فَقَالُوا: هُوَ النَّص الدَّال على