وَشرط الْحَد - إِذا أطلقته - أَن " ينطوي " على الْفَاسِد حَقِيقَة كَمَا ينْطَلق على الصَّحِيح. فَلَا معنى لتخصيص الصَّحِيح بِالْحَدِّ، عِنْد الْمُطَالبَة بتحديد الْقيَاس الْمُطلق، وَهَذَا كَمَا إِذا سئلنا عَن حد النّظر لم نخصص فِي الْحَد النّظر الصَّحِيح عَن الْفَاسِد من النّظر.
فَإِذا قُلْنَا: " لأمر جمع بَينهمَا فيهمَا " وَلم نتعرض لإِيجَاب واقتضاء بِالْحَدِّ - كَمَا ذكره آخَرُونَ - كُنَّا قَاصِدين إِلَى استغراق أَنْوَاع الْقيَاس بِالْحَدِّ.
فَلَو قَالَ قَائِل: لَا ينْطَلق اسْم الْقيَاس إِلَّا على الصَّحِيح، كَانَ متحكماً، لَا يكترث بقوله. فَإنَّا نعلم أَن اسْم الْقيَاس ينْطَلق عَلَيْهِمَا جَمِيعًا فَيُقَال لَهُ: هَذَا قِيَاس فَاسد وَهَذَا صَحِيح. فَإِن انْدَفَعُوا فِي تثبيت مَا قَالُوهُ فِي الاستشهاد بمسائل من الْفُرُوع، نَحْو قَول الْقَائِل " وَالله لَا أُصَلِّي " ثمَّ عقد صَلَاة فَاسِدَة، فَلَا يَحْنَث فِي يَمِينه، فَهَذَا ضرب من الهذيان.
فَإِن الإطلاقات واللغات لَا تثبت بآحاد الْمسَائِل فِي الشَّرِيعَة، وَنحن نعلم قطعا فِي حَقِيقَة اللُّغَة أَن اسْم الْقيَاس يتَنَاوَل الَّذِي يحكم بِصِحَّتِهِ، كَمَا يتَنَاوَل الَّذِي يحكم بفساده. فَمَا يُغني خصومنا التَّمَسُّك بآحاد الْمسَائِل.
فقد ذكرنَا إِذا جملا من الْعبارَات الْمَذْكُورَة فِي حد الْقيَاس فِي خلل الْكَلَام، وَبينا اختلالها.
(٢٧١) ذكر بعض التعاريف الْأُخْرَى للْقِيَاس، وإبطالها
وَهَا نَحن نذْكر عِبَارَات ذكرهَا آخَرُونَ فِي تَحْدِيد الْقيَاس.
١٥٦٨ - فمما قَالُوهُ: أَن الْقيَاس هُوَ إِصَابَة الْحق، إِذا وَقع عَن
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute